الميدان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الميدان

منتدى عام


    افشاء السلام

    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 202
    تاريخ التسجيل : 04/03/2012

    افشاء السلام Empty افشاء السلام

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 31, 2013 10:39 am

    إفشـاء السـلام

    الحمد لله رب العالمين,والصلاة على المبعوث رحمة للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليماً كثيراً.
    أمَّا بعدُ :
    فإن ديننا الإسلاميَّ قد حثَّنا على إفشاء السلام بيننا، وأخبرنا أنه سببٌ في زيادة المحبة فيما بيننا، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-Sadلا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا،ولا تؤمنوا حتى تحابوا،أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم،أفشوا السلام بينكم)1.
    وفى رواية أخرىSadوالذي نفسي بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا...)2، قال الإمام النووي -رحمه الله-: "وأما معنى الحديث، فقوله -صلى الله عليه وسلم- (ولا تؤمنوا حتى تحابوا) معناه: لا يكمل إيمانكم، ولا يصلح حالكم في الإيمان إلا بالتحاب. وأما قوله -صلى الله عليه وسلم- (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا) فهو على ظاهره وإطلاقه، فلا يدخل الجنة إلا من مات مؤمناً وإن لم يكن كامل الإيمان فهذا هو الظاهر من الحديث، وقال الشيخ أبو عمرو -رحمه الله-: "معنى الحديث لا يكمل إيمانكم إلا بالتحاب ولا تدخلون الجنة عند دخول أهلها إذا لم تكونوا كذلك"، وهذا الذي قاله محتمل، والله أعلم.
    وأما قوله: (أفشوا السلام بينكم) فهو بقطع الهمزة المفتوحة، وفيه الحثُّ العظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم، من عرفت ومن لم تعرف. والسلام سبب التآلف ومفتاح استجلاب المودة, وفي إفشائه تمكن ألفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع وإعظام حرمات المسلمين،وقد ذكر البخاري-رحمه الله-في صحيحه عن عمار بن ياسر-رضي الله عنه- أنه قال: (ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمان: الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار) وروى غير البخاري هذا الكلام مرفوعاً إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبذل السلام للعالم والسلام على من عرفت ومن لم تعرف وإفشاء السلام كلها بمعنى واحد، وفيها لطيفة أخرى وهى أنها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد ذات البين التي هي الحالقة، وأن سلامه لله لا يتبع فيه هواه، ولا يخص أصحابه وأحبابه به، والله -سبحانه وتعالى- أعلم بالصواب. انتهى كلامه رحمه الله3.
    فعلى المسلم إذا مر بأخيه المسلم أو قدم إلى مجلس هو فيه عليه أن يسلم عليه؛ وكذلك إذا دخل المسجد، وهو أولى البقاع، وخير بقاع ينبغي على المسلمين تبادل السلام فيها، إذ بها تتجلى معاني المحبة والألفة والمودة بين المسلمين، فعلى المسلم أيضاً أن يسلم على من فيها بتحية من الله مباركة طيبة، حتى لو كان المسلمون في الصلاة، فقد كان المسلمون يسلمون على النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو في صلاته، فكان يرد علهم بالإشارة؛ فعن ابن عمر عن صهيب أنه قال: مررتُ برسولِ اللهِ-صلى الله عليه وسلم-وهو يُصلِّي، فسلمتُ، فردَّ إليَّ إشارة4.
    وقال ابن عمر: قلت لبلال: كيف كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يردُّ عليهم حين كانُوا يسلِّمون عليه وهو في الصلاة؟ قال: يشير بيده5.
    أما كيفية هذه الإشارة، فقد أجاب بلال رضي الله عنه حين سأله ابن عمر عن كيفية الإشارة؟ قال: يقول هكذا، وبسط كفه، وجعل بطنه أسفل، وجعل ظهره إلى فوق6.
    فالسلام على المصلي ليس فيه حرج،ورد المصلي السلام بالإشارة على المسلِّم ليس فيه حرج كذلك.
    ومن المؤسف أن يحرم المسلم نفسه من الخير بعدم بذله للسلام على إخوانه المسلمين، سواء كانوا في المسجد أو خارج المسجد، فتجده يمر بك ولا يسلم عليك، أو يدخل المسجد ولا يسلم على من فيه، فيحرم نفسه من أجر عظيم مترتب على إلقاء السلام، وعن عمران بن حصين -رضي الله عنه- أن رجلاً جاء إلى النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- فقال: السلام عليكم، فرد عليه السلام، ثم جلس، فقال النبي -صلى الله عليه وعلى آله وسلم-: (عشر) ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه، فجلس، فقال: (عشرون) ثم جاء آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه فجلس، فقال: (ثلاثون)7.
    نسأل الله أن يوفقنا للخير، وأن يلهمنا رشدنا، وأن يجعلنا إخوة متحابين متآلفين، وأن يجنبنا المحن والفتن ما ظهر منها وما بطن، والحمد لله رب العالمين.


    1 - رواه مسلم.
    2 - رواه مسلم.
    3 - شرح النووي على صحيح مسلم (2/36).
    4 - رواه الخمسة إلا ابن ماجه، وصححه الترمذي، وصححه الألباني، انظر صحيح سنن الترمذي رقم (301)، وفي رواية لمسلم عن جابر: (فسلمت عليه، فأشار إلي).
    5 - رواه الخمسة؛ إلا أن في رواية النسائي وابن ماجه: (صهيباً) مكان (بلال)، وصححه الألباني، انظر: صحيح ابن ماجه رقم (832).
    6 - راجع: نيل الأوطار (1/344).
    7 - قال الشيخ مقبل عنه: حسن على شرط مسلم، الجامع الصحيح (5/219).
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 202
    تاريخ التسجيل : 04/03/2012

    افشاء السلام Empty السلام وأسراره - امام المسجد

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 31, 2013 10:41 am

    السلام وأسراره

    الحمد لله الذي أمر بعبادته، وحثَّ عباده للاجتماع على كلمته، والتآلف في طاعته، وصلى الله وسلم على من بعثه ربه ليتمم مكارم الأخلاق أما بعد:
    أحبتنا الكرام: مما يجب أن يعتقده كل مسلم صادق أن دين الله الإسلام هو خير الأديان، إذ هو الدين الذي اختاره الله لعباده، وأرسل به رسله، وأنزل لأجله كتبه {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ}1، {مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمينَ مِن قَبْلُ}2، ومما يدل على أن دين الإسلام خير الأديان، وأصفاها، وأنقاها، وأعظمها؛ تلك الأخلاق الرفيعة التي دعا إليها حتى جعلت أناساً كثيراً من المشركين والكفار قديماً وحديثاً يسلمون لما رأوه من حسن أخلاق الإسلام، وأهل الإسلام.
    وإن من أعظم الأخلاق التي حث عليها الإسلام (خُلق السلام)، فإن سلام المسلم على أخيه المسلم بقوله: "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته" يبعث في القلوب المحبة والصفاء، ويزرع المودة والإخاء، ويثمر القوة والرفعة والعلا؛ فقد ثبت عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم -: أي الإسلام خير؟ فقال: ((تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف))3، فحرص المسلم إذن على إفشاء السلام يدل على قوة إسلامه وخيريته، "وفى بذل السلام لمن عرفت ولمن لم تعرف إخلاص العمل فيه لله - تعالى -، لا مصانعة، ولا مَلقاً لمن تعرف دون من لا تعرف"4.
    وعن البراء بن عازب - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أفشوا السلام تسلموا))5 "قال القاضي: إفشاء السلام رفع الصوت به وإشاعته، قال: ويستثنى من ندب رفع الصوت بالسلام ما لو دخل مكاناً فيه نيام، فالسنة ما ثبت في صحيح مسلم أن المصطفى - صلى اللّه عليه وسلم - كان يجيء من الليل فيسلم تسليماً لا يوقظ نائماً، ويسمع اليقظان"6، ((تسلموا)) أي " من التنافر والتقاطع، وتدوم لكم المودة، وتجمع القلوب، وتزول الضغائن والحروب، فأخبر المصطفى - صلى اللّه عليه وسلم - أن السلام يبعث على التحابب، وينفي التقاطع؛ قال الماوردي: وقد جاء في كتاب اللّه - تعالى - ما يفيده قال اللّه - تعالى -: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ}7، فحكي عن مجاهد أن معناه ادفع بالسلام إساءة المسيء"8، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أطعموا الطعام، وأفشوا السلام؛ تورثوا الجنان))9،" أي فعلكم ذلك وإدامتكم له يورثكم دخول الجنان مع السابقين برحمة الرحمن"10، وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أفشوا السلام بينكم تحابوا))11 "أي تأتلف قلوبكم، وفيه مصلحة عظيمة من اجتماع قلوب المسلمين، وتناصرهم وتعاضدهم، ولهذا قال بعضهم: إنه أدفع للضغينة بغير مؤنة، واكتساب أخوة بأهون عطية"12.
    وعن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم))13، "ولا تؤمنوا حتى تحابوا معناه: لا يكمل إيمانكم، ولا يصلح حالكم في الإيمان؛ إلا بالتحاب"14، ولا يحصل هذا التحاب إلا بإفشاء السلام، ونشره بين المسلمين.
    بل قال عليه الصلاة والسلام - مبيناً فضيلة من فضائل السلام -: ((أفشوا السلام كي تعلوا))15 قال الإمام المناوي - رحمه الله -: "فإنكم إذا أفشيتموه تحاببتم، فاجتمعت كلمتكم، فقهرتم عدوكم، وعلوتم عليه"16، وعن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وكونوا إخواناً كما أمركم الله))17 قال الإمام النووي - رحمه الله -: "والسلام أول أسباب التآلف، ومفتاح استجلاب المودة، وفى إفشائه تكمن ألفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس، ولزوم التواضع، وإعظام حرمات المسلمين"18، وعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إن السلام اسم من أسماء الله وضعه الله في الأرض فأفشوه بينكم، إن الرجل إذا سلم على القوم فردوا عليه كانت له عليهم فضل درجة لأنه ذكرهم السلام، وإن لم يرد عليه ردَّ عليه من هو خير منه وأطيب))19 "قال مجاهد: كان عبد الله بن عمر يأخذ بيدي، فيخرج إلى السوق، فيقول: إني لأخرج وما لي حاجة إلا لأُسلّم، ويسلَّم علي، فأُعطي واحدة - أي كلمة - وآخذ عشراً - أي حسنات -، يا مجاهد: إن السلام اسم من أسماء الله - تعالى -، فمن أكثر السلام أكثر ذكر الله"20.
    واسمع أخي إلى هذا الأجر العظيم في الحديث النبوي الجليل الذي يرويه عمران بن حصين - رضي الله عنه - قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((عشر))، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه فجلس، فقال: ((عشرون))، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه، فجلس، وقال: ((ثلاثون))21 "فقال للأول: عشر حسنات، والثاني عشرون، وللثالث ثلاثون؛ لأن كل واحد منهم زاد"22.
    ونختم هنا بالمسألة التالية:
    إذا سلم المسلم على مسلم واحد فهل يقول له: السلام عليكم، أم السلام عليك؟
    قال ابن عثيمين - رحمه الله -: "وهذه مسألة اختلف فيها العلماء، هل إذا سلم على واحد يقول السلام عليك أم عليكم؟ والصحيح أن يقول: السلام عليك، هكذا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث المسيء في صلاته أنه قال: السلام عليك"23.
    فلا إله إلا الله ما أعظمه من دين، وما أشرفها من أخلاق، إنه الإسلام، حب ووئام، وتصافح وسلام {أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ}24، فأفشوا السلام بينكم أيها المسلمون.
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 202
    تاريخ التسجيل : 04/03/2012

    افشاء السلام Empty الدرجات الثلاث

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 31, 2013 10:42 am

    الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه، والصلاة والسلام على خير خلقه وأكرم رسله محمد بن عبد الله ، وعلى آله وصحبه ومن والاه..
    أما بعد:
    أيها الناس: إن فضل الله وكرمه على خلقه عظيم، فهو ذو الفضل وصاحب الفضل وإليه الفضل، وقد تفضل على عباده بأن شرع لهم أعمالاً ترفع بها درجاتهم، وتكفر بها من سيئاتهم، ومن هذه الأعمال التي ترفع بها الدرجات ما جاء في الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ثلاث مهلكات، وثلاث منجيات، وثلاث كفارات، وثلاث درجات... )) وأما الثلاث الدرجات: ((إطعام الطعام، وإفشاء السلام، والصلاة بالليل والناس نيام))1.
    وسنقف في هذا اليوم العظيم مع الثلاث الدرجات..
    الدرجة الأولى: ((إطعام الطعام)) فقد ورد في فضلها حديث أبي مالك الأشعري أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إنَّ في الجنة غرفًا يُرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها، أعدها الله لمن أطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى بالليل، والناس نيام))2، وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((اعبدوا الرحمن، واطعموا الطعام، وافشوا السلام؛ تدخلوا الجنة بسلام))3..
    أيها المؤمنون: إن إطعام الطعام عمل من أجلّ القربات، وأعظم الحسنات؛ ففي الحديث المتفق عليه عن عبد الله بن عمر أن رجلاً سأل رسول الله: أي الإسلام خير؟ قال: ((تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف))، وقد قال النبي-صلى الله عليه وسلم- لصهيب: ((خياركم من أطعم الطعام))4..
    ومهما قل ما يقدمه الإنسان لغيره من الطعام فإنه -مع النية الخالصة- يعظم عند الله تعالى؛ فعن عائشة -رضي الله عنها- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إنَّ الله ليربي لأحدكم التمرة واللقمة كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله -صغار الخيل والإبل- حتى تكون مثل أحد))5..
    أيها الناس: الدرجة الثانية: ((إفشاء السلام))؛ فالسلام اسم من أسماء الله الحسنى، وإفشاء السلام وبذله من أعظم خصال الإسلام والإيمان؛ ففي البخاري عن عبد الله بن عمرو أن رجلاً سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي الإسلام خير؟ قال: ((تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف))..
    وإفشاء السلام سبب من أسباب المحبة والألفة؛ أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة-رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: ((لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أو لا أدلكم على شيءٍ إذا فعلتموه تحاببتم؟! أفشوا السلام بينكم))..
    وبإفشاء السلام والمصافحة تحط الذنوب والخطايا؛ فعن حذيفة أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر))6.
    ومن أبخل البخل: البخل بالسلام؛ فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-: ((أعجز الناس من عجز في الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام))7، ولذلك جاءت النصوص بتحريم الهجران بين المؤمنين، والحث على التصافي والتوادّ؛ فعن أبي أيوب-رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: ((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصدُّ هذا ويصدُّ هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام))8. أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، إنه هو الغفور الرحيم.

    الخطبة الثانية:
    الحمد لله عَظُمَ شأنه ودام سلطانه، أحمده سبحانه وأشكره عم امتنانه وجَزَلَ إحسانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدًا عبده ورسوله، به علا منار الإسلام وارتفع بنيانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
    أما بعد:
    أيها الناس: الدرجة الثالثة من الدرجات الثلاث التي جاء ذكرها في الحديث: ((قيام الليل))؛ فقد جاء في الحديث الذي أخرجه مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلّم- قال: ((... أفضل الصلاةِ بَعْد الفريضةِ صلاةُ الليل))..
    وقد أثنى الله على أهل قيام الليل في خمسة عشر موضعًا من القرآن، منها قوله تعالى: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنْ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا} سورة السجدة(16)، وقال في وصف المتقين: {كَانُوا قَلِيلاً مِنْ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} سورة الذاريات(17، 18)، قال قتادة: "قلَّ ليلة تأتي عليهم إلا يصلون فيها لله عز وجل إما من أولها أو من وسطها"9. وقال سبحانه في وصف عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا} سورة الفرقان(64).
    وما أجمل ساعات الليل ودقائقه حين يقف بين يدي الله؛ فقد أخرج مسلم عن جابر قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله خيرًا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه، وذلك كل ليلة)).. قال ثابت البناني -رحمه الله-: "ما شيء أجده في قلبي ألذّ عندي من قيام الليل"10. وقال أبو سليمان الداراني -رحمه الله-: "لأهل الطاعة بليلهم ألذ من أهل اللهو بلهوهم، ولولا الليل ما أحببت البقاء في الدنيا"11.
    ومن أعظم ما ورد في شأن أهل قيام الليل قول النبي -صلى لله عليه وسلم-: ((ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم))، وذكر منهم: ((والذي له امرأة حسناء وفراش لين حسن، فيقوم الليل فيقول الله: يذر شهوته ويذكرني، ولو شاء رقد، والذي إذا كان في سفر وكان معه ركب فسهروا ثم هجعوا فقام من السحر في ضراء وسراء))12.
    وجاء في الأثر: عن أبي أمامة الباهلي -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربةٌ إلى ربكم، ومكفرةٌ للسيئات، ومنهاةٌ عن الإثم))13.
    أيها المؤمنون: ليكن لنا شيء من الليل ولو يسيرًا؛ فعن ابن عباس قال: ذكرت قيام الليل فقال بعضهم: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((نصفه ربعه فواق حلب ناقة)) أي قدر ما بين رفع اليد عن الضرع وضمها وقت الحلب.
    وتحدثنا أمُّنا عائشة بأعجب ما رأته من النبي -صلى الله عليه وسلم-، فتقول: أتاني في ليلتي حتى مسّ جلده جلدي ثم قال: ((ذريني أتعبد لربي عز وجل))، قالت: فقلت: والله، إني لأحب قربك وأحب أن تعبد ربك، فقام إلى القربة فتوضأ ولم يكثر صبَّ الماء، ثم قام يصلي فبكى حتى بلَّ لحيته، ثم سجد فبكى حتى بلَّ الأرض، ثم اضطجع على جنبه فبكى، حتى إذا أتاه بلال يؤذنه بصلاة الصبح قالت: فقال: يا رسول، ما يبكيك وقد غفر الله لك ذنبك ما تقدم وما تأخر؟! فقال: ((ويحك يا بلال، وما يمنعني أن أبكي وقد أنزل علي في هذه الليلة: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ} سورة آل عمران(190)، ثم قال: ((ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها))14.
    وقد سار على نهجه في ذلك أصحابه -رضي الله عنهم-، فهذا عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- كان في وجهه خطان أسودان مثل الشراك من البكاء، ولما قرأ رضي الله عنه {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ} سورة التكوير(1)، وانتهى إلى قوله تعالى: {وَإِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ} سورة التكوير(10). خر مغشيا عليه. ومر يوماً بدار إنسان وهو يصلي ويقرأ سورة والطور فوقف يستمع فلما بلغ قوله تعالى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ * مَا لَهُ مِن دَافِعٍ} سورة الطور(7) (Cool نزل عن حماره، واستند إلى حائط، ومكث زمانا ورجع إلى منزله، فمرض شهرا يعوده الناس، ولا يدرون ما مرضه15.
    وقد روي أن قوله تعالى: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} سورة الزمر(9) نزلت في عثمان بن عفان-رضي الله عنهما-، قال ابن عمر: "ذلك لكثرة صلاة أمير المؤمنين عثمان -رضي الله عنه- بالليل وقراءته حتى إنه ربما قرأ القرآن في ركعة"16.. وكان أبو هريرة وامرأته وخادمه يقتسمون الليل ثلاثًا، كما يقول أبو عثمان النهدي: "تضيفت أبا هريرة سبعا، فكان هو وامرأته وخادمه يتعقبون الليل أثلاثا؛ يصلي هذا ثم يوقظ هذا، ويصلي هذا ثم يوقظ هذا"17.
    بل كان الأشعريون قوم أبي موسى يعرفون بالليل بالقرآن، يقول النبي-صلى الله عليه وسلم- كما في صحيح مسلم: ((إني لأعرف أصوات رُفْقَةِ الأشعريين بالقرآن حين يخلون بالليل، وأعرف منازلهم من أصواتهم بالقرآن بالليل)).. فبأيّ شيء تعرف بيوت كثير منا -أيها المسلمون- بالليل في هذه الأيام؟! إلى الله المشتكى، وصلى الله على خير من صلى وقام، وطاف بالبيت الحرام، وعلى آله وصحبه والتابعين على الدوام.
    اللهم أعنا على الصالحات، واصرف عن الشرور والمهلكات، وارزقنا توبة قبل الموت، ورحمة بعد الموت.. إنك أنت الغفور الرحيم.


    1 رواه الطبراني في معجمه الأوسط، وقال الألباني: "حسن لغيره"؛ كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(453).
    2 رواه ابن حبان.
    3 رواه الترمذي، وقال: "حديث حسن صحيح" وقال الألباني: "صحيح" كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(945).
    4 رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب، وقال الألباني: "حسن صحيح" كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(948).
    5 رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه واللفظ له، وقال: "صحيح"؛ كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم (857).
    6 رواه الطبراني، وقال الألباني: "صحيح لغيره"؛ كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(2720).
    7 رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وقال الألباني: "حسن صحيح"؛ كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم(2714).
    8 رواه البخاري ومسلم، وهذا لفظ البخاري.
    9 مختصر تفسير ابن كثير(3/417). للصابوني.
    10 صفة الصفوة(3/262).
    11 المصدر السابق(4/228).
    12 رواه الطبراني وإسناده حسن من حديث وعن أبي الدرداء، وقال الألباني: "حسن"؛ كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم (629).
    13 رواه الترمذي، وقال الألباني: "حسن لغيره"؛ كما في صحيح الترغيب والترهيب، رقم (624).
    14 رواه ابن حبان في صحيحه، وقال الألباني: "حسن" كما صحيح الترغيب والترهيب، رقم(1468).
    15 يراجع: إحياء علوم الدين(4/184).
    16 تفسير القرآن العظيم(4/61).
    17 صفة الصفوة(1/692). دار المعرفة – بيروت
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 202
    تاريخ التسجيل : 04/03/2012

    افشاء السلام Empty أي الإسلام خير؟

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 31, 2013 10:44 am

    الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً، أما بعد:
    فإن من أعظم ما أمر به الإسلام أتباعه التخلق بالأخلاق الفاضلة، والتحلي بالصفات الرفيعة، التي تعطي كل أحد قدره، ولا تبخس الناس الحق الذي لهم. وسنقف مع بعض الآداب والأخلاق الإسلامية من خلال حديث من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم.
    نص الحديث:
    عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: ((تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف))1.
    صحابي الحديث:
    عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم بن كعب بن لؤي القرشي السهمي.
    كان الفرق بين عمره وعمر أبيه اثنتي عشرة سنة، ولد لعمرو: عبد الله وهو ابن اثنتي عشرة سنة.
    أسلم قبل أبيه، وكان فاضلاً حافظاً عالماً.
    وقال أبو هريرة رضي الله عنه: ما كان أحد أحفظ لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو، فإنه كان يعي بقلبه، وأعي بقلبي، وكان يكتب، وأنا لا أكتب2.
    اختلف في وقت وفاته، قال ابن سعد في طبقاته: توفي عبد الله بن عمرو بن العاص بالشام سنة خمس وستين، وهو يومئذ بن اثنتين وسبعين سنة، وقد روى عن أبي بكر وعمر3.
    مفردات الحديث:
    قوله: (أي الإسلام): أي: أي خصاله، أو أي أهله وذويه أفضل.
    قوله: (تطعم الطعام): على وجه الصدقة، أو الضيافة، ونحو ذلك.
    قوله: (وتقرأ السلام): المراد به إفشاء السلام4.
    قوله: (ومن لم تعرف): أي: لا تخص به أحداً تكبراً أو تصنعاً؛ بل تعظيماً لشعار الإسلام، ومراعاة لأخوة المسلم، فإن قيل: اللفظ عام فيدخل الكافر والمنافق والفاسق، أجيب بأنه خص بأدلة أخرى، أو أن النهي متأخر، وكان هذا عاماً لمصلحة التأليف، وأما من شك فيه فالأصل البقاء على العموم حتى يثبت الخصوص5.
    المعنى العام للحديث:
    عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: ((تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف)) وفي رواية: (أي المسلمين خير؟ قال: ((من سلم المسلمون من لسانه ويده))6 وفي رواية جابر: ((المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده))7 قال العلماء رحمهم الله: قوله: أي الإسلام خير؟ معناه أي خصاله، وأموره، وأحواله، قالوا: وإنما وقع اختلاف الجواب في خير المسلمين لاختلاف حال السائل والحاضرين، فكان في أحد الموضعين الحاجة إلى إفشاء السلام، وإطعام الطعام أكثر وأهم لما حصل من إهمالهما والتساهل في أمورهما، ونحو ذلك، وفي الموضع الآخر إلى الكف عن إيذاء المسلمين.
    شرح الحديث:
    معنى قوله: (تطعم الطعام) إطعام الطعام من أفضل القربات، وأعظم الطاعات، فتشبع الجائع، وتسد فاقته، وتعطي الفقير ما تيسر معك مما يستعين به على حاله.
    وقد مدح الله المحسنين بقوله: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا}[الإنسان: 8-9]، وفضل الصدقة عظيم، وثوابها جزيل ولاسيما إذا وقعت في يد مستحقها، وليس عليك أن تصرف بما ليس في وسعك، ولا أن تكلف نفسك مالا تقدر عليه، ولكن إذا وجدت شيئاً فأنفقه في سبيل الله ولو قليلاً، وفي الحديث: ((اتقوا النار ولو بشق تمرة))8 فربما كان درهمك الذي لا تملك غيره هو أعزم عند الله من مائة ألف درهم ينفقها الغني الذي لا يضره إخراجها.
    والمبعوث متمما لمكارم الأخلاق محمد عليه الصلاة والسلام جاء يأمر بالإطعام، ويضرب للناس في الكرم المثل الأعلى، فيقول: ((والذي نفسي بيده ما يسرني أن أُحُداً تحول لآل محمد ذهباً أنفقه في سبيل الله أموت يوم أموت وأدع منه دينارين، إلا دينارين أعدهما للدَّين إن كان))9.
    ورغب الله المؤمنين في معاملته، ووعدهم بالربح العظيم، ومضاعفة الأجور للمتصدقين أضعافاً كثيرة، فقال تعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}[البقرة: 261]10.
    ومعنى: (تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف) أي تسلم على كل من لقيته، عرفته أم لم تعرفه، ولا تخص به من تعرفه كما يفعله كثيرون من الناس، ثم إن هذا العموم مخصوص بالمسلمين فلا يسلم ابتداء على كافر، وفي هذه الأحاديث جمل من العلم، ففيها:
    الحث على إطعام الطعام، والجود، والاعتناء بنفع المسلمين، والكف عما يؤذيهم بقول، أو فعل بمباشرة أو سبب، والإمساك عن احتقارهم، وفيها الحث على تألف قلوب المسلمين، واجتماع كلمتهم، وتوادهم، واستجلاب ما يحصل ذلك.
    واعلم أنه ورد في إفشاء السلام، وفضائله عدة أحاديث، منها ما أخرج مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم))11.
    وعن البراء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((أفشوا السلام تسلموا))12.
    وعن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه، فكنت فيمن جاءه، فلما تأملت وجهه واستبنته عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، قال: فكان أول ما سمعت من كلامه أن قال: ((أيها الناس: أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام))13.
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أعجز الناس من عجز في الدعاء، وأبخل الناس من بخل بالسلام))14.
    وعن جابر رضي الله عنه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن لفلان في حائطي عذقاً، وأنه قد آذاني، وشق علي مكان عذقه، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((بعني عذقك الذي في حائط فلان)) قال: لا، قال: ((فهبه لي)) قال: لا، قال: ((فبعنيه بعذق في الجنة)) قال: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما رأيت الذي هو أبخل منك إلا الذي يبخل بالسلام))15.
    قال أبو حاتم البستي: الواجب على العاقل أن يلزم إفشاء السلام على العام؛ لأن من سلَّم على عشرة كان له عتق رقبة، والسلام مما يذهب ما في الخَلَد من البغضاء، ويقطع الهجران، ويصافي الإخوان، والبادي بالسلام بين حسنتين: إحداهما تفضيل الله عز وجل إياه على المسلَّم عليهم بفضل درجة؛ لتذكيره إياهم بالسلام، وبين رد الملائكة عليه عند غفلتهم عن الرد.
    وقال زبيد اليامي: إن أجود الناس من أعطى مالاً لا يريد جزاءه، وإن أحسن الناس عفواً من عفا بعد قدرة، وإن أفضل الناس من وصل من قطعه، وإن أبخل الناس من بخل بالسلام.
    وعن عمار بن ياسر قال: ثلاث من جمعهن جمع الإيمان: الإنفاق من الإقتار، والإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم.
    قال أبو حاتم البستي: الواجب على المسلم إذا لقي أخاه المسلم أن يسلم عليه، متبسماً إليه، فإن من فعل ذلك تحات عنهما خطاياهما كما تحات ورق الشجر في الشتاء إذا يبس، وقد استحق المحبة من أعطاهم بشر وجهه.
    قال: ولقد أُخبرت عن سعيد بن الخمس قال: قيل له: ما أبشك؟ قال: إنه يقوم على برخيص.
    وأنشد الأبرش:
    أخو البشر محبوب على حسن بشره *** ولن يعدم البغضاء من كان عابسا
    ويسرع بخل المرء في هتك عرضه *** ولم أر مثل الجود للمرء حارسا
    قال أبو حاتم: البشاشة إدام العلماء، وسجية الحكماء؛ لأن البشر يطفئ نار المعاندة، ويحرق هيجان المباغضة، وفيه تحصين من الباغين، ومنجاة من الساعي، ومن بش للناس وجهاً لم يكن عندهم بدون الباذل لهم ما يملك.
    وعن هشام بن عروة عن أبيه قال: أخبرت أنه مكتوب في الحكمة: يا بُني: ليكن وجهك بسطاً، ولتكن كلمتك طيبة تكن أحب إلى الناس من أن تعطيهم العطاء.
    القَ بالبشر من لقيت من النـ *** ـاس جميعاً ولا قِهِمْ بالطلاقةْ
    تجْنِ منهمُ جني ثمار فخذهـا *** طيباً طَـعمُه لذيذَ المذاقــة16
    من فوائد الحديث:
    1. في الحديث سببين من أعظم أسباب الألفة، إذ أن الألفة إحدى فرائض الدين، وأركان الشريعة.
    2. في الحديث الدعوة إلى إخلاص العمل لله تعالى لا مصانعة ولا تملقاً، ويدل على ذلك بذل السلام لمن عرفت ولمن لم تعرف.
    3. في الحديث استعمال خلق التواضع، وإفشاء شعار هذه الأمة، وهو السلام17.
    4. السلام من الأسباب التي تدخل صاحبها الجنة، كما في حديث عبد الله بن سلام.
    5. السلام يوجب المحبة بين المسلم وبين إخوانه من المسلمين.
    6. حصول فضيلة الإسلام وخيريته بهذين الأمرين18.
    نسأل الله بمنه وكرمه أن يوفقنا لفعل الطاعات واجتناب المنكرات، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
    1 رواه البخاري برقم (11)، ومسلم برقم (56) وغيرهما.
    2 الاستيعاب في معرفة الأصحاب (1/292)
    3 الطبقات الكبرى لابن سعد (4/268).
    4 نزهة المتقين شرح رياض الصالحين (1/474).
    5 فتح الباري لابن حجر (1/56).
    6 رواه مسلم (40).
    7 رواه البخاري (10)، ومسلم (41).
    8 رواه البخاري (6195) ومسلم (1016).
    9 رواه أحمد برقم (2724) قال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب: "حديث حسن صحيح" رقم (933).
    10 إصلاح المجتمع لمحمد بن سالم البيحاني (153) بتصرف.
    11 رواه مسلم برقم (54)، والترمذي برقم (5193)، وابن ماجة برقم (68) واللفظ لمسلم.
    12 الأدب المفرد للبخاري (1/340) رقم (979)، ورواه ابن حبان في صحيحه برقم (1934)، وقال الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة: "حسن" (1493).
    13 رواه الترمذي برقم (2485) وقال حديث حسن صحيح، وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (1/150) "صحيح" رقم (616)
    14 رواه الطبراني في الأوسط، وقال لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد (5591)، قال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب "حسن صحيح" رقم (2714).
    15 أخرجه الإمام أحمد (14557), وقال الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (3/21): "حسن" رقم (2716).
    16 روضة العقلاء ونزهة الفضلاء (1/74-75) بتصرف.
    17 شرح النووي على مسلم (1/118) بتصرف.
    18 غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب (1/422)
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 202
    تاريخ التسجيل : 04/03/2012

    افشاء السلام Empty آداب وأحكام إفشاء السلام (مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 31, 2013 10:53 am

    آداب وأحكام إفشاء السلام
    (مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)

    المقدمة
    الحمد لله على نعمة الإسلام الذي يهدي إلى الخير والحكمة والموعظة الحسنة، وينهي عن المنكر والفساد والإفساد، الحمد لله على نعمة الإسلام دين الوسطية والاعتدال في كل شيء، فلا إفراط ولا تفريط، ولا تقتير ولا إسراف، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران/8].

    وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعل هذا العمل خالصاً صالحاً متقبلاً، ولا تجعل للشيطان فيه حظاً ولا نصيباً.

    أما بعد:
    فالإسلام من منطلق كونه خاتم الرسالات السماوية للبشرية كافة، قال تعالى ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾  [سبأ/28]، ومن خلال منهجه القويم، هو دستور الحياة الشاملة للبشرية كافة حتى الساعة، وهو القاعدة المتينة المؤدية - إذا ما التزمنا بها - إلى الارتقاء بالسلوك المادي والخلقي والروحي للبشرية لما فيه خيرها ورفاهيتها، إنه المنهاج الذي يملك القدرة على إعادة بناء البشرية على الوجه الصحيح الذي أراده الله، خلافة بالحق والصلاح والتعمير على هذه الأرض، يقول الحق تبارك وتعالى  ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنعام/38]، وقال: ﴿ وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [الزخرف/4].

    وجاءت السنة النبوية الشريفة - المصدر الثاني - من التشريع الإسلامي، الذي يوجهنا إلى طريق الخير والصلاح والإعمار، قال تعالى: ﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر/7]، فهذه الآية تعد صريحة من الله عز وجل بأن نتمسك بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم؛ حتى لا نضل ولا نضلل، نصون ولا نفسد، نعمر ولا نخرب، نبني ولا ندمر.

    وإفشاء السلام - إلقاء ورداً- من طرق الخير والصلاح التي أرشدتنا إليها السنة النبوية، ومن تلك المعاني الإيمانية التي ظل الرسول صلى الله عليه وسلم طيلة حياته يرسخها في قلوب المسلمين.

    وإفشاء السلام من الأعمال التي تقرب العبد من الله تعالى، وتزيد المحبة والمودة بين العباد، وتذهب البغضاء والشحناء من قلوبهم.

    وقد يتساهل كثير من المسلمين في إلقاء السلام أو رده، بل قد يتساءل إنسان ويقول: وهل يستحق موضوع كهذا بالبحث والدراسة؟ أقول: نعم، يستحق هذا الاهتمام وأكثر، ولما لا؟ وهو عمل رئيس وسبب أصيل في الفوز بالجنة، وهي أغلى أمنية يتمناها العبد ويعيش لأجل تحصيلها.

    • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم). [1]

    إن المسلم حتى يلقي السلام على أخيه كأنه يقول له بلسان حاله: عش آمناً مطمئناً، ولا تخشى مني على نفسك وعرضك ومالك، وهذا بدوره يحقق الأمن والأمان بين أفراد المجتمع المسلم.

    وإفشاء السلام مع كونه أدباً نبوياً فهو ذكر لله تعالى، ولهذا شرع – بل استحب – في الأماكن التي يغلب عليها اللهو والغفلة كالأسواق وغيرها.

    والحق إن لإفشاء السلام معان وآداباً وأحكاماً كثيرة، أحاول – بإذن الله تعالى وتوفيقه- تجليتها في هذا البحث من خلال مشكاة السنة النبوية.

    أسباب اختيار الموضوع:
    تكمن الحكمة في اختيار هذا الموضوع فيما يلي:
    1- الدراسة الموضوعية تكشف لنا عن عظمة السنة، وشمولها، وكفايتها مع القرآن الكريم لصنع الحياة الفاضلة في مختلف المجالات.

    2- جمع الأحاديث التي تتعلق بموضوع واحد في مكان واحد، يعين على الفهم الصحيح للسنة النبوية، قبل أن يعمل الإنسان أو يفتي بمقتضى واحد فيخطئ.

    3- جمع المادة العلمية التي تتعلق بإفشاء السلام من شتات الكتب في جزء منفرد مع الدراسة والتعليق؛ حتى تسهل الاستفادة منها.

    4- ملاحظتي على كثير من المسلمين إفراطا في جانب وتفريطا في جانب آخر، أو اهتماما بأمور وتساهلا بأمور أخرى، كأن تجد أحدهم يحرص على الصلاة في الصف الأول، أو تجده طائعاً لله تعالى مخبتاً خاشعاً لكنه يتساهل بآداب الإسلام في السلام أو الطعام أو الشراب أو مجالسة الناس ومحادثتهم وغير ذلك.

    منهج البحث والدراسة:
    يمكن تلخيص منهج البحث والدراسة فيما يلي:
    1- استقرأت كتب السنة النبوية وبخاصة الصحيحان منها، ثم وضعت كل حديث في المكان المناسب له حسب خطة البحث.

    2- تناولت بعض الآيات القرآنية المتصلة بالموضوع، باعتبار أن السنة شارحة للقرآن الكريم، مع ذكر أقوال أهل التفسير على سبيل الإيجاز.

    3- اعتمدت على أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، باعتبارهم أفهم الناس للنصوص، وأعلمهم بها، وأكثر تطبيقا لما فيها، مع الحرص على توثيق تلك الأقوال بعزوها إلى مصادرها.

    4- قمت بالترجمة لبعض أهل العلم من الصحابة والتابعين ومن بعدهم الذين ليس لهم كبير معرفة، مشيراً إلى مصدر الترجمة لمن أراد التوسع في معرفة سيرهم وحياتهم.

    5- قمت - عقب تخريج الحديث -  بشرح غوامض الكلمات ومشكلها، لما يترتب على ذلك من زيادة بيان أو إزالة أشكال.

    6- اعتمدت على كتب الشروح – القديم منها والحديث – والتي تعالج قضايا ومسائل البحث؛ للاستعانة بها على توضيح، أو إضافة، أو ذكر فائدة، أو غير ذلك.

    7- اعتنيت بما يكون في الأحاديث من بيان سبب ورود، أو توفيق بين ما يوهم التعارض، أو بيان الناسخ والمنسوخ، إلى غير ذلك من فنون علم الحديث الشريف.

    8- تناولت ما في الحديث من أحكام فقهية تتصل بالموضوع، لكن دون خوض فيها كعمل الفقيه – من ذكر آراء وأدلة ومناقشات – إنما أذكر الراجح من هذه الآراء مما رجحه أهل العلم الثقات، معتمدا في ذلك على كتب الفقه، وكتب شروح الحديث.

    هذه كانت نبذة عن منهجي في الدراسة، أما بالنسبة لمنهج التخريج والحكم على الأحاديث فهو كالتالي:
    1- قمت بتخريج الحديث تخريجا تفصيلياً، فإذا كان الحديث في الصحيحين فإني أخرجه منهما مع بقية الكتب التسعة، إلا إذا كانت هناك فائدة في غير الكتب التسعة فإني أزيد في تخريجه، أما إذا كان الحديث في غير الصحيحين فإني أتوسع في التخريج بعض الشيء؛ حتى أتمكن من الحكم على الحديث.

    2- إذا كان الحديث في الصحيحين اكتفيت بهما في الحكم عليه، فإن العزو إليهما مؤذن بالصحة، وإذا كان في غيرهما فإني أعتمد على أقوال الثقات من أهل الشأن في الحكم عليه إن وجدت، أمثال الترمذي، والحاكم، والهيثمي، مع جمع طرق الحديث، والترجمة لرواة هذه الطرق، ثم الحكم علي الحديث بما يليق بحاله من حيث الصحة والحسن والضعف حسب القواعد التي وضعها أهل العلم.

    3- اقتصرت في البحث على الأحاديث الصحيحة والحسنة والضعيفة التي ترتقي، ولا أعرج على الأحاديث المنكرة والموضوعة؛ إذ لا فائدة منها.

    خطة البحث:
    يشتمل البحث على مقدمة، وتمهيد، وثلاثة فصول، وخاتمة.

    • أما المقدمة:فتشتمل على مدخل للموضوع، مع أسباب اختياره، وخطة البحث والدراسة.

    • وأما التمهيد: فيشتمل على (حقيقة السلام في اللغة والشرع).

    • وأما الفصل الأول فهو بعنوان: ( إفشاء السلام في القرآن الكريم والسنة النبوية).

    • والفصل الثاني: جاء بعنوان (آداب السلام).

    • واما الفصل الثالث:فهو بعنوان (أحكام السلام).

    وفي النهاية تأتي: (الخاتمــة) ؛ لتعرض للقارئ أهم الدروس المستفادة من موضوع إفشاء السلام، وتلخص له أهم النتائج والتوصيات التي استنتجها الباحث، وفُتح له بها من فضل الله عز وجل.

    تمهيـد:
    الإفشاء: الإظهار، والمراد نشر السلام بين الناس ليحيوا سنته.[2]

    قال النووي: أقله أن يرفع صوته بحيث يسمع المسلم عليه فإن لم يسمعه لم يكن آتيا بالسنة ويستحب أن يرفع صوته بقدر ما يتحقق أنه سمعه فإن شك استظهر.[3]

    قلت: ويدعمه ما أخرجه البخاري في الأدب المفرد[4] بسند صحيح عن عبد الله بن عمر قال: (إذا سلمت فأسمع؛ فإنها تحية من عند الله مباركة طيبة).

    والسلام يطلق بإزاء معان، منها:السلامة، ومنها التحية، ومنها أنه اسم من أسماء الله، قال: وقد يأتي بمعنى التحية محضاً، وقد يأتي بمعنى السلامة محضاً، وقد يأتي متردداً بين المعنيين، كقوله تعالى: ﴿ ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا ﴾ [5]فإنه يحتمل التحية والسلامة، وقوله تعالى: ﴿ ولهم ما يدعون * سلام قولا من رب رحيم ﴾ [6]، وقوله: ﴿ وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ﴾ [7]

    وقد اختلف في معنى اسم الله تعالى السلام، فقيل هو: السالم من النقائص، وقيل: المسلم لعباده، وقيل: المسلم على أوليائه[8]

    وقال القرطبي: ومعنى السلام في حقه تعالى أنه المنزه عن النقائص والآفات التي تجوز على خلقه، وعليه فمعنى قول المسلم السلام: أي: مطلع عليك وناظر إليك، فكأنه يذكره باطلاع الله تعالى عليه ويخوفه، ليأمن منه ويسلم من شره.[9]

    وإفشاء السلام يعني إلقاءه ورده؛ لأنهما متلازمان، وإفشاء السلام ابتداء يستلزم إفشاءه جوابا. [10]

    الفصل الأول
    إفشاء السلام في القرآن الكريم والسنة النبوية
    إن من أدب المسلم الحق إفشاء السلام - ابتداء وجواباً -، وإفشاء السلام في الإسلام ليس تقليداً اجتماعياً يتغير ويتطور تبعاً للبيئة والعصر، وإنما هو أدب ثابت ومحدد، أمر الله عز وجل به في كتابه، ووضع قواعده وآدابه رسوله صلى الله عليه وسلم.

    ففي القرآن الكريم أمر الله تعالى المؤمنين بإلقاء السلام، فقال تعالى: ﴿  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النور/27][11]

    وأمر برد التحية بأحسن منها أو بمثلها، فقال تعالى: ﴿ وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾ [النساء/86][12].

    أي: إذا سلم عليكم المسلم فردوا عليه أفضل مما سلم، أو ردوا عليه بمثل ما سلم، فالزيادة مندوبة، والمماثلة مفروضة.[13]

    وزكى هذه التحية في كتابه، ووسمها بالبركة والأمان، وأمرنا - نحن المؤمنين - بإلقائها على أهلنا، لا نعدل عنها إلى غيرها. فقال: ﴿ فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [النور/61][14]

    قال قتادة: إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم، وإذا دخلت بيتاً ليس فيه أحد فقل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا بني، إذا دخلت على أهلك فسلم، يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك)) [15]

    والمعنى أن: السلام سبب زيادة بركة وكثرة خير ورحمة.[16]

    إن تحية السلام تعبير عن احترام المسلم للطرف الآخر، في أنه لا يضمر حياله سوءاً، وأنه يحترم محضره فلا يسمعه لغواً، وأنه يريد له حياة كريمة طيبة، وأنه يودعه بكرامة واحترام، ومن ثم كانت هذه التحية هي التي اصطفاها الله لآدم عليه السلام، وأرادها لذريته على اختلاف عصورهم وأمصارهم وشرائعهم.

    • عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( خلق الله آدم على صورته طوله ستون ذراعا، فلما خلقه قال: اذهب فسلم على أولئك نفر من الملائكة جلوس، فاستمع ما يحيونك، فإنها تحيتك وتحية ذريتك. فقال: السلام عليكم. فقالوا: السلام عليك ورحمة الله، فزادوه ورحمة الله، فكل من يدخل الجنة على صورة آدم فلم يزل الخلق ينقص بعد حتى الآن)) [17]

    قوله " فقال:السلام عليكم " قال ابن بطال: يحتمل أن يكون الله علمه كيفية ذلك تنصيصا، ويحتمل أن يكون فهم ذلك من قوله له: " فسلم ".

    قال ابن حجر: ويحتمل أن يكون ألهمه ذلك، ويؤيده ما تقدم في باب حمد العاطس[18] في الحديث الذي أخرجه ابن حبان من وجه آخر عن أبي هريرة رفعه: ((إن آدم لما خلقه الله عطس فألهمه الله أن قال الحمد لله.. الحديث)) [19] فلعله ألهمه أيضا صفة السلام.[20]

    قال القرطبي: هذا الكلام دليل على تأكد حكم السلام، فإنه مما شرع وكلف به آدم، ثم لم ينسخ في شريعة من الشرائع، فإنه تعالى أخبره أنها تحيته وتحية ذريته من بعده، ثم لم يزل ذلك معمولا به في الأمم على اختلاف شرائعها، إلى أن انتهى ذلك إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، فأمر به وبإفشائه، وجعل سبباً للمحبة الدينية، ولدخول الجنة العلية.[21]

    وقال المناوي: وهذا أول مشروعية السلام، وتخصيصه؛ لأنه فتح باب المودة، وتأليف لقلوب الإخوان المؤدي إلى استكمال الإيمان.[22]

    لقد حضت السنة النبوية على إفشاء السلام كلما لقي المسلم فرداً أو جماعة؛ لما له من الأثر الكبير في توثيق عرى الألفةوالمودة والتقارب والتصافي، بل جعله صلى الله عليه وسلم سبب المحبة التي تفضي إلى الإيمان الموصل إلى الجنة.

    • عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل الناس إليه، وقيل قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت في الناس لأنظر إليه، فلما استثبت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، وكان أول شيء تكلم به أن قال: ((أيها الناس، أفشوا السلام، وأطعموا الطعام، وصلوا والناس نيام، تدخلون الجنة بسلام)) [23]

    • وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السلام بينكم)) [24]
    • عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير؟ قال: ((تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت وعلى من لم تعرف)). [25]

    قال النووي: معنى قوله "تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف" تسلم على من لقيته، ولا تخص ذلك بمن تعرف، وفي ذلك إخلاص العمل لله، واستعمال التواضع، وإفشاء السلام الذي هو شعار هذه الأمة.[26]

    قال ابن حجر: وفيه من الفوائد: أنه لو ترك السلام على من لم يعرف احتمل أن يظهر أنه من معارفه، فقد يوقعه في الاستيحاش منه.[27]

    ومن ثمَّ قال ابن بطال: في السلام لغير المعرفة استفتاح للخلطة وباب الأنس؛ ليكون المؤمنون كلهم إخوة، ولا يستوحش أحد من أحد، وترك السلام لغير المعرفة يشبه صدود المتصارمين المنهي عنه، فينبغي للمؤمن أن يجتنب مثل ذلك.[28]

    قوله صلى الله عليه وسلم (ولا تؤمنوا حتى تحابوا) قال النووي: معناه: لا يكمل إيمانكم، ولا يصلح حالكم في الإيمان إلا بالتحابب.[29]

    قال الطيبي: جعل إفشاء السلام سبباً للمحبة، والمحبة سبباً لكمال الإيمان؛ لأن إفشاء السلام سبب للتحابب والتوادد، أو هو سبب الألفة والجمعية بين المسلمين، المسبب لكمال الدين، وإعلاء كلمة الإسلام، وفي التهاجر والتقاطع التفرقة بين المسلمين، وهي سبب لانثلام الدين والوهن في الإسلام.[30]

    وقال ابن العربي: من فوائد إفشاء السلام حصول المحبة بين المتسالمين، وكان ذلك لما فيه من ائتلاف الكلمة؛ فتعم المصلحة، وتقع المعاونة، وتظهر شعائر الدين، وتخزى زمرة الكافرين، فإنها كلمة إذا صدرت أخلصت القلوب الواعية لها عن النفرة إلى الإقبال على قائلها.[31]

    وقال النووي: وفيه الحث العظيم على إفشاء السلام وبذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف، والسلام أول أسباب التألف، ومفتاح استجلاب المودة، وفى إفشائه تمكن ألفة المسلمين بعضهم لبعض، وإظهار شعارهم المميز لهم من غيرهم من أهل الملل، مع ما فيه من رياضة النفس ولزوم التواضع وإعظام حرمات المسلمين. قال: وفيها لطيفة أخرى، وهى أنها تتضمن رفع التقاطع والتهاجر والشحناء وفساد ذات البين، التي هي الحالقة، وأن سلامه لله لا يتبع فيه هواه، ولا يخص أصحابه وأحبابه به، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.[32]

    إن من حق المسلم على المسلم أن يسلم عليه إذا لقيه؛ لأنه إذا لم يسلم عليه فقد احتقره، واحتقاره احتقار لما خلق الله في أحسن تقويم وعظمه وشرفه، وذلك من أعظم الجرائم وأفدح الذنوب.

    • عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن السلام اسم من أسماء الله، وضعه الله في الأرض، فأفشوه فيكم، فإن الرجل إذا سلم على القوم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة؛ لأنه ذكرهم، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب)). [33]

    • وعن عثمان بن طلحة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((ثلاث يصفين لك ود أخيك: تسلم عليه إذا لقيته، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب أسمائه إليه)). [34]

    * وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((حق المسلم على المسلم ست)). قيل: ما هن يا رسول الله؟ قال: ((إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فسمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه)). [35]

    • وعنه رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((حق المسلم على المسلم خمس: رد السلام، وعيادة المريض، واتباع الجنائز، وإجابة الدعوة، وتشميت العاطس)). [36]

    والمراد بالحق في قوله (حق المسلم على المسلم) الوجوب الكفائي لا العيني. قال ابن حجر: وقد تبين أن معنى الحق هنا الوجوب، خلافا لقول ابن بطال المراد حق الحرمة والصحبة، قال: والظاهر أن المراد به هنا وجوب الكفاية.[37]

    قال: وقال الجمهور: هي في الأصل ندب، وقد تصل إلى الوجوب في حق بعض دون بعض، وعن الطبري تتأكد في حق من ترجى بركته، وتسن فيمن يراعي حاله، وتباح فيما عدا ذلك. ونقل النووي الإجماع على عدم الوجوب يعني على الأعيان.[38]

    وهذه الحقوق يشترك فيها كل المسلمين، برهم وفاجرهم، صغيرهم وكبيرهم. قال الطيبي: هذه كلها من حق الإسلام، يستوي فيها جميع المسلمين برهم وفاجرهم، غير أنه يخص البر بالبشاشة والمصافحة دون الفاجر المظهر للفجور.[39]

    وقال ابن العربي: عليك في رعاية هذه الحقوق وغيرها بالمساواة بين المسلمين كما سوى في الإسلام بينهم في أعيانهم، ولا تقل هذا ذو سلطان وجاه ومال وهذا فقير وحقير ولا تحقر صغيرا، واجعل الإسلام كله كالشخص الواحد، والمسلمين كالأعضاء لذلك الشخص، فإن الإسلام لا وجود له إلا بالمسلمين، كما أن الإنسان لا وجود له إلا بأعضائه وجميع قواه الظاهرة والباطنة.[40]

    وإفشاء السلام إحدى الوصايا السبع التي أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بها أصحابه، ليلتزموها في حياتهم، لما فيها من الأمن والأمان، والتواصل بين الإخوان.

    • عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: ((أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بسبع: بعيادة المريض، واتباع الجنائز، وتشميت العاطس، ونصر الضعيف، وعون المظلوم، وإفشاء السلام، وإبرار المقسم، ونهي عن الشرب في الفضة، ونهى عن تختم الذهب، وعن ركوب المياثر، وعن لبس الحرير والديباج والقسي والإستبرق)) [41]

    إن الذي يبتدئ ملاقيه بالسلام إنما يشعره بالأمن وعدم الخوف، ذلك أن السلام أمان وإخاء والتزام، لهذا جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى الناس بالله في مرضاته ونعمه وخيراته، ومن أخصهم برحمته وغفرانه والقرب منه في جنانه من يبدأ الناس بالسلام.

    • عن أبي أيوب رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)).[42]

    • وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام)). [43]

    قال الطيبي: أي: أقرب الناس من المتلاقيين إلى رحمة الله من بدأ بالسلام.[44]

    وقال المناوي: أي: أقربهم من الله بالطاعة من بدأ أخاه المسلم بالسلام عند ملاقاته؛ لأنه السابق إلى ذكر الله، والسلام تحية المسلمين وسنة المرسلين.[45]

    قال النووي: فينبغي لكل واحد من المتلاقيين أن يحرص على أن يبتدئ بالسلام لهذا الحديث.[46]

    قلت: وقد يعرض أحد المتخاصمين عن أخيه، فيترك أخوه إلقاء السلام عليه، ظاناً منه أنه بهذا ينجيه من إثم عدم الرد، وهذا ظن خاطئ؛لأن الواجب عليه أن يستمر في إلقاء السلام، ولا يجعل إعراض أخيه سبباً في تركه، فلعل قلبه يلين يوما ما.

    قال النووي: وأما قول من لا تحقيق عنده أن ذلك يكون سبباً لتأثيم الآخر فهو غباوة؛ لأن المأمورات الشرعية لا تترك بمثل هذا، ولو أعملنا هذا لبطل إنكار كثير من المنكرات.قال:وينبغي لمن وقع له ذلك أن يقول له بعبارة لطيفة:رد السلام واجب، فينبغي أن ترد ليسقط عنك الفرض، وينبغي إذا تمادى على الترك أن يحلله من ذلك؛لأنه حق آدمي.

    وقال ابن حجر: ويدخل فيه – أي: في إفشاء السلام - من مر على من ظن أنه إذا سلم عليه لا يرد عليه، فإنه يشرع له السلام، ولا يتركه لهذا الظن؛لأنه قد يخطىء.

    قال: ورجح ابن دقيق العيد في شرح الإلمام المقالة التي زيفها النووي بأن مفسدة توريط المسلم في المعصية أشد من ترك مصلحة السلام عليه، ولاسيما وامتثال الإفشاء قد حصل مع غيره.[47]

    وقد بلغ من محبة الصحابة الكرام لبذل السلام أنهم كانوا يبذلون أوقاتاً كثيرة يمشون في الطرقات والأماكن العامة؛من أجل إفشائه بين الناس.

    • عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أن الطفيل بن أبي بن كعب أخبره أنه كان يأتي عبد الله بن عمر رضي الله عنه فيغدو معه إلى السوق، قال: فإذا غدونا إلى السوق، لم يمر عبد الله بن عمر على سقاط ولا صاحب بيعة ولا مسكين ولا أحد إلا سلم عليه. قال الطفيل: فجئت عبد الله بن عمر يوما فاستتبعني إلى السوق، فقلت له: وما تصنع في السوق، وأنت لا تقف على البيع، ولا تسأل عن السلع، ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق؟ قال: وأقول اجلس بنا ها هنا نتحدث، قال: فقال لي عبد الله بن عمر يا أبا بطن، - وكان الطفيل ذا بطن - إنما نغدو من أجل السلام نسلم على من لقينا.[48]

    • وقال ابن عمر رضي الله عنه: إني كنت لأخرج إلى السوق وما لي حاجة إلا أن أسلم ويسلم علي.[49]

    الفصل الثاني
    آداب السلام
    للسلام آداب جليلة بينتها السنة النبوية، ورغبت في تطبيقها وتنفيذها بدقة، تتمثل هذه الآداب فيما يلي:
    الأدب الأول: تسليم الصغير على الكبير، والراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير.

    من السنة أن يسلم الصغير على الكبير؛ وذلك لحق الكبير من التوقير والتكريم، وهو الأدب الذي ينبغي سلوكه، ويسلم الراكب على الماشي؛ حتى يحمل السلامُ الراكبَ على التواضع وعدم التكبر، ويسلم الماشي على القاعد؛ لشبهه بالداخل على أهل المنزل، ويسلم القليل على الكثير؛ لحق الكثير فحقهم أعظم.

    • عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير)[50].

    • وفي رواية: (يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير)[51]

    قوله "والقليل على الكثير" أمر نسبي، يشمل الواحد بالنسبة للاثنين فصاعداً، والإثنين بالنسبة للثلاثة فصاعداً وما فوق ذلك[52].

    وقوله "والمار على القاعد" أشمل من الرواية التي قبلها بلفظ "الماشي"؛ لأنه أعلم من أن يكون المار ماشياً أو راكباً، وقد اجتمعا في حديث فضالة بن عبيد بلفظ ((يسلم الفارس على الماشي، والماشي على القائم)).[53]

    قال ابن حجر: وإذا حمل القائم على المستقر كان أعم من أن يكون جالساً أو واقفاً أو متكئاً أو مضطجعاً، وإذا أضيفت هذه الصورة إلى الراكب تعددت الصور، وتبقى صورة لم تقع منصوصة، وهي ما إذا تلاقى ماران راكبان أو ماشيان، وقد تكلم عليها المازري فقال: يبدأ الأدنى منهما الأعلى قدراً في الدين إجلالاً لفضله؛ لأن فضيلة الدين مرغب فيها في الشرع.

    وعلى هذا لو التقى راكبان ومركوب أحدهما أعلى في الحس من مركوب الآخر كالجمل والفرس، فيبدأ راكب الفرس، أو يكتفي بالنظر إلى أعلاهما قدراً في الدين فيبتدؤه الذي دونه، هذا الثاني أظهر، كما لا نظر إلى من يكون أعلاهما قدراً من جهة الدنيا إلا أن يكون سلطاناً يخشى منه [54].

    وإذا تساوى المتلاقيان من كل جهة، فكل منهما مأمور بالابتداء، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام.، والأدلة على هذا كثيرة، منها:
    ما أخرج البخاري في الأدب المفرد بسند صحيح من حديث جابر قال: ((الماشيان إذا اجتمعا فأيهما بدأ بالسلام فهو أفضل)) [55].

    وأخرج الطبراني بسند صحيح من الأغر المزني قال لي أبو بكررضي الله عنه: ((لا يسبقك أحد إلى السلام)).[56]

    وأخرج الترمذي من حديث أبي أمامة رضي الله عنه رفعه: ((إن أولى الناس بالله من بدأ بالسلام)). [57]

    وأخرج الطبراني من حديث أبي الدرداء رضي الله عنه قلنا: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنا نلتقي فأينا يبدأ بالسلام؟ قال: ((أطوعكم لله)).[58]

    وإذا كان هناك ماشيان ثم حال بينهما حائل، كشجرة أو جدار ونحو ذلك، فإنه يشرع لهما السلام إذا التقيا مرة أخرى، ولو تكرر ذلك مرات؛ وذلك لما رواه أو هريرة رضي الله عنه قال: ((إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه)). [59]

    قال الطيبي: فيه حث على إفشاء السلام، وأن يكرر عند كل تغيير حال ولكل جاء وغاد[60].

    قوله "والقليل على الكثير" قال النووي: هذا الأدب إنما هو فيما إذا تلاقى اثنان في طريق، أما إذا ورد على قعود أو قاعد فإن الوارد يبدأ بالسلام بكل حال سواء كان صغيراً أو كبيراً قليلاً أو كثيراً[61].

    وقد أبرز العلماء الحكمة ممن شرع لهم الإبتداء، فقال ابن العربي: حاصل ما في هذا الحديث أن المفضول بنوع ما يبدأ الفاضل.

    وقال المهلب: تسليم الصغير لأجل حق الكبير لأنه:أمر بتوقيره والتواضع له، وتسليم القليل لأجل حق الكثير لأن حقهم أعظم، وتسليم المار لشبهه بالداخل على أهل المنزل، وتسليم الراكب لئلا يتكبر بركوبه فيرجع إلى التواضع.

    وقال المازري: أما أمر الراكب فلأن له مزية على الماشي فعوض الماشي بأن يبدأه الراكب بالسلام احتياطاً على الراكب من الزهو أن لو حاز الفضيلتين، وأما الماشي فلما يتوقع القاعد منه من الشر ولا سيما إذا كان راكباً فإذا ابتدأه بالسلام أمن منه ذلك وأنس إليه، أو لأن في التصرف في الحاجات امتهاناً فصار للقاعدة مزية فأمر بالابتداء، أو لأن القاعدة يشق عليه مراعاة المارين مع كثرتهم فسقطت البداءة عنه للمشقة بخلاف المار فلا مشقة عليه، وأما القليل فلفضيلة الجماعة أو لأن الجماعة لو ابتدءوا لخيف على الواحد الزهو فاحتيط له[62].

    وأما تسليم الصغير على الكبير فكأنه لمراعاة السن، وهو أمر معتبر في الشرع، فلو تعارض الصغر المعنوي والحسي، كأن يكون الأصغر أعلم مثلاً، فبه تظر ولم أر فيه نقلاً، والذي يظهر اعتبار السن؛ لأنه الظاهر كما تقدم الحقيقة على المجاز.

    ونقل ابن دقيق العيد عن ابن رشد أن محل الأمر في تسليم الصغير على الكبير إذا التقيا، فإن كان أحدهما راكباً والآخر ماشياً بدأ الراكب، وإن كانا راكبين أو ماشيين بدأ الصغير[63].

    ولو خالف الكبير فسلم على الصغير، أو سلم الماشي على الراكب، أو سلم الكثير على القليل، أو سلم القاعد على الماشي فلا يلحق ذاك المخالف إثم، ولكنه تاركٌ للأولى.

    قال أبو سعد المتولي[64]: لو خالف الراكب أو الماشي ما دل عليه الخبر كره، قال: والوارد يبدأ بكل حال.

    وقال المازري: هذه المناسبات لا يعترض عليها بجزيئات تخالفها، لأنها لم تنصب نصب العلل الواجبة الاعتبار حتى لا يجوز أن يعدل عنها حتى لو ابتدأ الماشي فسلم على الراكب لم يمتنع لأنه ممتثل للأمر بإظهار السلام وإفشائه، غير أن مراعاة ما ثبت في الحديث أولى وهو خبر بمعنى الأمر على سبيل الاستحباب ولا يلزم من ترك المستحب الكراهية بل يكون خلاف الأولى فلو ترك المأمور بالابتداء فبدأه الآخر كان المأمور تاركاً للمستحب والآخر فاعلاً للسنة إلا إن بادر فيكون تاركاً للمستحب أيضاً.

    وقال الكرماني: لو جاء أن الكبير يبدأ الصغير والكثير يبدأ القليل لكان مناسباً؛ لأن الغالب أن الصغير يخاف من الكبير والقليل من الكثير، فإذا بدأ الكبير والكثير أمن منه الصغير والقليل لكن لما كان من شأن المسلمين أن يأمن بعضهم بعضاً اعتبر جانب التواضع كما تقدم، وحيث لا يظهر رجحان أحد الطرفين باستحقاقه التواضع له اعتبر الإعلام بالسلامة والدعاء له رجوعاً إلى ما هو الأصل فلو كان المشاة كثيراً والقعود قليلاً تعارضا ويكون الحكم حكم اثنين تلاقيا معاً فأيهما بدأ فهو أفضل ويحتمل ترجيح جانب الماشي كما تقدم، والله أعلم[65].

    الأدب الثاني: عدم تخصيص أحد من الجالسين بالسلام: فإن هذا من شأنه يوغر صدور الجالسين، ويزرع البغض والحقد.

    قال أبو سعد المتولي[66]: يكره إذا لقى جماعة أن يخص بعضهم بالسلام؛ لأن القصد بمشروعية السلام تحصيل الألفة، وفي التخصيص إيحاش لغير من خص بالسلام[67].

    الأدب الثالث: أن يلقى السلام برفق ولين وخفض صوت على قوم فيهم نيام.

    بحيث لا يُقلقهم ولا يوقظهم، وفي هذا أدب نبويٌ رفيع، حيث يُراعى فيه حال النائم فلا يكدر عليه نومه، وفي الوقت نفسه لا تفوت فضيلة السلام.

    • عن المقداد رضي الله عنه قال: ((أقبلت أنا وصاحبان لي، وقد ذهبت أسماعنا وأبصارنا من الجهد، فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس أحد منهم يقبلنا، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فانطلق بنا إلى أهله، فإذا ثلاثة أعنز، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احتلبوا هذا اللبن بيننا. قال: فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان منا نصيبه، ونرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه، قال فيجيء من الليل فيسلم تسليماً لا يوقظ نائماً ويسمع اليقظان..))[68]

    قال النووي: هذا فيه آداب السلام على الأيقاظ في موضع فيه نيام، او من في معناهم، وأنه يكون سلاماً متوسطاً بين الرفع والمخافتة، بحيث يسمع الأيقاظ، ولا يهوش على غيرهم[69].

    وقال ابن حجر: ويستثنى من رفع الصوت بالسلام ما إذا دخل على مكان فيه أيقاظ ونيام، فالسنة فيه ما ثبت في صحيح مسلم عن المقداد[70].

    الأدب الرابع: استحباب تكرار السلام ثلاثاً، إذا كان الجمع كثيراً، أو شُك في سماع المُسَّلم عليه.

    • عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً، وإذا أتى قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثاً[71].

    قال النووي – بعد هذا الحديث -: وهذا محمولٌ على ما إذا كان الجمع كثيراً[72].

    وأضاف بن حجر: وكذا لو سلم وظن أنه لم يسمع فتسن الإعادة فيعيد مرة ثانية وثالثة ولا يزيد على الثالثة[73].

    قال الحافظ: كان من هديه صلى الله عليه وسلم أن يسلم ثلاثاً....، ولعل هذا كان هديه في السلام على الجمع الكثير الذين لا يبلغهم سلام واحد أو هديه في إسماع السلام الثاني والثالث إن ظن أن الأول لم يحصل به الإسماع كما سلم لما انتهى إلى منزل سعد بن عبادة ثلاثاً فلما لم يجبه أحد رجع، وغلا فلو كان هديه الدائم التسليم ثلاثاً لكان اصحابه يسلمون عليه كذلك وكان يسلم على كل من لقيه ثلاثاً وإذا دخل بيته ثلاثاً ومن تأمل هديه علم أن الأمر ليس كذلك وأن تكرار السلام منه كان أمراً عارضاً في بعض الاحيان[74].

    الأدب الخامس: الجهر بإلقاء السلام وكذلك الرد: لقد كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في السلام أن يرفع صوته بالسلام، وكذلك في الرد، فلا يحصل بالإسرار الأجر؛ إلا ما استثني.

    • أخرج البخاري في أدبه أثراً عن ابن عمر رضي الله عنه: عن ثابت بن عبيد رضي الله عنه قال: اتيت مجلساً فيه عبدالله بن عمر رضي الله عنه فقال: إذا سلَّمت فأسمع؛ فإنها تحية مباركة طيبة[75].

    وذكر ابن القيم: أن من هديه صلى الله عليه وسلم انه كان يُسمع المسلم رده عليه[76].

    وقال ابن حجر: واستدل بالأمر بإفشاء السلام على انه لا يكفي السلام سراً بل يشترط الجهر، وأقله أن يسمع في الابتداء والجواب ولا تكفي الإشارة باليد ونحوه[77].

    وقال النووي: وأقل السلام الذي يصير به مسلَّماً مؤدياً سنة السلام أن يرفع صوته بحيث يُسمع المسلَّم عليه، فإن لم يسمعه لم يكن آتياً بالسلام، فلا يجب الرد عليه، وأقل ما يسقط به فرض ردّ السلام أن يرفع صوته بحيث يسمعه المسلَّم، فإن لم يسمعه لم يسقط عنه فرض الرد[78].

    الأدب السادس: تعميم السلام على من يعرفه المرء أو لا يعرفه:
    عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: ((أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف))[79].

    هذا الحديث فيه الحث على إفشاء السلام ونشره بين الناس، لما فيه من المصالح العظيمة، لعل من أعظمها: التأليف بين المسلمين، وسلامة قلوبهم لبعض، وضده السلام على الخاصة فعل غير محمود، بل إنه – أعنى سلام الخاصة – من علامات الساعة، فقد جاء في مسند الإمام أحمد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن من أشراط الساعة إذا كانت التحية على المعرفة))[80] وفي رواية: ((أن يسلَّم الرجل على الرجل، لا يسلم عليه إلا للمعرفة))[81]. وفي رواية: ((إن بين يدي الساعة تسليم الخاصة.. الحديث))[82]

    الأدب السابع: استحباب ابتداء القادم بالسلام: وهذا أمر مشهور، ومنتشر بين الناس، وتشهد له النصوص الكثيرة، حيث إن استحباب السلام توجه للقادم دون القدوم عليه. وسبق قصة الثلاثة الذين جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال الأول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وقال الآخر: السلام عليكم ورحمة الله، وقال الثالث: السلام عليكم.

    قال النووي:... أما إذا ورد على قعود أو قاعد، فإن الوارد يبدأ بالسلام على كل حال، سواء كان صغيراً أو كبيراً، قليلاً أو كثيراً[83].

    الأدب الثامن: إلقاء السلام على الصبيان: وذلك لتعويدهم وتدريبهم منذ الصغر على آداب الشريعة، وفاعله متأسياً بالنبي صلى الله عليه وسلم.

    عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه مر على صبيان فسلم عليهم، وقال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعله))[84].

    وفي السلام على الصبيان لحمل النفس على التواضع، وسلوك لين الجانب. وإذكا سلم بالغٌ على صبي، أو سلم صبيٌ على بالغ، فهل يجب رد السلام حينئذٍ؟

    الجواب: إذا سلم بالغٌ على صبي فإنه لا يلزم الصبي الرد، وذلك لأنه ليس من أهل الفروض، أما إذا سلم الصبي على البالغ، فإنه يتعين عليه الرد وهو قول الجمهور[85].

    قال النووي: اتفق العلماء على استحباب السلام على الصبيان، ولو سلم على رجال وصبيان فرد السلام صبي منهم هل يسقط فرض الرد عن الرجال ففيه وجهان لأصحابنا، أصحهما: يسقط... ولو سلم الصبي على رجل لزم الرجل رد السلام هذا هو الصواب الذي أطبق عليه الجمهور، وقال بعض أصحابنا لا يجب وهو ضعيف أو غلط[86].

    وقال: ففيه استحباب السلام على الصبيان المميزين، والندب إلى التواضع، وبذل السلام للناس كلهم، وبيان تواضعه صلى الله عليه وسلم، وكمال شفقته على العالمين[87].

    الأدب التاسع: استحباب السلام عند دخول البيت. وذلك إذا كان مسكوناً، فإذن كان البيت خالياً، فقد استحب بعض أهل العلم من الصحابة وغيرهم أن يسلم الرجل على نفسه إن كان البيت خالياً.

    عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: (إذا دخل البيت غير المسكون فليقل: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)[88]. وجاء مثله عن مجاهد[89].

    قال ابن حجر: ويدخل في عموم إفشاء السلام، السلام على النفس لمن دخل مكاناً ليس فيه أحد، لقوله تعالى: ﴿فَإِذَا دَخَلْتُم بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلَى أَنفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً ﴾ الآية[90].

    وإن كان البيت ليس فيه إلا أهلك فيستحب لك أن تسلم عليهم أيضاً، فعن أبي الزبير أنه سمع جابراً يقول: (إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تحية من عند الله مباركة طيبة)[91].

    والسلام عند دخول البيت ليس واجباً، قال ابن جريج: قلت لعطاء اواجب إذا خرجت ثم دخلت أن أسلم عليهم؟ قال: لا ولا أوثر وجوبه عن أحد ولكن هو أحب إلي وما أدعه إلا ناسياً[92].

    ولكن لا ينبغي للمسلم أن ينأى عنه بعد أن يعلم فضله؛ ومن فضله ما رواه أبو أمامة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((ثلاثة كلهم ضامن على الله، إن عاش كُفي، وإن مات دخل الجنة: من دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله عز وجل، ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن على الله، ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله))[93].

    الأدب العاشر: رد السلام على من حمل إليه السلام والمحمول إليه:
    • عن غالب قال: إنا لجلوس بباب الحسن إذ جاء رجل فقال حدثني أبي عن جدي قال بعثني أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ائته فأقرئه السلام قال: فأتيته فقلت: إن أبي يقرئك السلام. فقال: عليك وعلى أبيك السلام[94].

    • وعن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام. قالت: قلت: وعليه السلام ورحمة الله ترى ما لا نرى تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم[95].

    • وعن أنس قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعنده خديجة قال: إن الله يقرئ خديجة السلام. فقالت: إن الله هو السلام وعلى جبريل السلام وعيك السلام ورحمة الله وبركاته[96].

    والحاصل من مجموع هذه الأحاديث أن رد السلام على حامل السلام ليس بواجب بل هو مندوب إليه.

    قال ابن حجر: قال النووي: في هذا الحديث مشروعية إرسال السلام ويجب على الرسول تبليغه؛ لأنه أمانة.

    وتعقب: بأن بالوديعة اشبه والتحقيق من الرسول إن التزمه أشبه الأمانة وإلا فوديعة، والودائع إذا لم تقبل لم يلزمه شيء.

    قال: وفيه إذا أتاه سلام من شخص أو في ورقة وجب الرد على الفور.

    قال: ويستحب أن يرد على المبلغ، واستدل بالحديث الأول والثالث، قال: ولم أر في شيء من طرق حديث عائشة أنها ردت على النبي صلى الله عليه وسلم فدل على أنه غير واجب[97].

    الأدب الحادي عشر: تقديم تحية المسجد على السلام من بالمسجد: فالداخل للمسجد يستحب له أن يقدم تحية المسجد قبل تحية أهلها، وفي حديث المسيء في صلاته ما يدل لذلك.

    عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلاً دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في ناحية المسجد فصلى ثم جاء فسلم عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع فصلى... الحديث[98].

    قال ابن قيم الجوزيه: ومن هديه صلى الله عليه وسلم أن الداخل إلى المسجد يبتدئ بركعتين تحية المسجد، ثم يجيء فيسلم على القوم، فتكون تحية المسجد قبل تحية أهله، فإن تلك حق لله تعالى، والسلام على الخلق حق لهم، وحق الله في مثل هذا أحق بالتقديم... ثم ساق حديث المسيء في صلاته مستدلاً به على قوله، وقال: فأنكر عليه صلاته، ولم ينكر عليه تأخير السلام عليه صلى الله عليه وسلم إلى ما بعد الصلاة[99].

    فتين من إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الصحابي أن السنة في تقديم تحية المسجد على السلام على أهله.

    الأدب الثاني عشر: الترغيب في السلام قبل الكلام:
    الذي عليه سلف الأمة وخلفها أنهم كانوا يقدمون السلام قبل كلامهم، وسؤال حاجتهم. قال النووي: السنة أن المسلم يبدأ بالسلام قبل كل كلام، والأحاديث الصحيحة وعمل سلف الأمة وخلفها على وفق ذلك مشهورة، فهذا هو المعتمد في هذا الفصل. وأما الحديث الذي رويناه في كتاب الترمذي عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: السلام قبل الكلام[100]. فهو حديث ضعيف، قال عنه الترمذي: هذا حديث منكر[101].

    ولماذا كان السلام قبل الكلام؟ لأن في الابتداء بالسلام إشعاراً بالسلامة وتفاؤلاً بها وإيناسا لمن يخاطبه وتبركاً بالابتداء بذكر الله.

    وقال القارئ: لأنه تحية يبدأ به فيفوت بافتتاح الكلام كتحية المسجد فإنها قبل الجلوس[102].

    الأدب الثالث عشر: السلام على القوم عند الخروج من المجلس: فكما أنه يسن السلام عند القدوم على المجلس، فكذلك من السنة أن يلقى السلام عند مفارقة ذلك المجلس.

    • عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا انتهى أحدكم إلى مجلس فليسلم، فإن بدا له أن يجلس فليجلس، ثم إذا قام فليسلم، فليست الأولى بأحق من الآخرة))[103].

    قال الطيبي: أي: كما أن التسليمة الأولى إخبار عن سلامتهم من شره عند الحضور، فكذلك الثانية إخبار عن سلامتهم من شره عند الغيبة، وليست السلامة عند الحضور أولى من السلامة عند الغيبة، بل الثانية أولى[104].

    وهل يجب الرد على من ألقى السلام وهو مفارق للمجلس كالداخل أم يستحب؟ قال النووي: ظاهر هذا الحديث يدل على أنه يجب على الجماعة رد السلام على الذي يسلم على الجماعة عند المفارقة[105].

    وقال القاضي حسين وأبو سعيد المتولي: جرت عادة بعض الناس بالسلام عند المفارقة، وذلك دعاء يستحب جوابه ولا يجب أن التحية إنما تكون عند اللقاء لا عند الانصراف.

    وأنكر ذلك الشاشي وقال: إن السلام سنة عند الانصراف كما هو سنة عند اللقاء فكما يجب الرد عن اللقاء كذلك عند الانصراف وهذا هو الصحيح[106].

    الفصل الثالث
    أحكام السلام
    لإلقاء السلام أحكام جليلة ودقيقة، ينبغي على المسلم أن يتعلمها ويطبقها، هذه الأحكام تتمثل فيما يلي:
    أولاً: حكم إلقاء السلام ورده:
    من السنة إلقاء السلام، ودليل السنية كثيرة جداً، وقد سبق قوله صلى الله عليه وسلم: ((حق المسلم على المسلم ست:.... إذا لقيته فسلم عليه... الحديث)) [107]، وكذلك فعل النبي صلى الله عليه وسلم، وفعل صحابته رضوان الله عليهم وشهرة ذلك تغنينا عن إيراد النصوص.

    قال ابن دقيق: العيد: استدل بالأمر بإفشاء السلام- في حديث البراء- من قال بوجوب الابتداء بالسلام، وفيه نظر إذ لا سبيل إلى القول بأنه فرض عين على التعميم من الجانبين، وهو أن يجب على كل أحد أن يسلم على كل من لقيه لما في ذلك من الحرج والمشقة، فإذا سقط من جانبي العمومين سقط من جانبي الخصوصين إذ لا قائل يجب على واحد دون الباقين ولا يحب السلام على واحد دون الباقين، قال: وإذا سقط على هذه الصورة لم يسقط الاستحباب لأن العموم بالنسبة إلى كلا الفريقين ممكن.

    وهذا البحث ظاهر في حق من قال إن ابتداء السلام فرض عيه، وأما من قال فرض كفاية فلا يرد عليه إذا قلنا إن فرض الكفاية ليس واجبا على واحد بعينه.

    قال ابن دقيق العبد: ويستثنى من الاستحباب من ورد الأمر بترك ابتدائه بالسلام كالكافر.

    قال ابن حجر: ويدل عليه قوله في الحديث المذكور قبل "إذا فعلتموه تحاببتم" والمسلم مأمور بمعاداة الكافر فلا يشرعق له فعل ما يستدعي محبته ومواددته[108].

    وكما حثت السنة النبوية على بذل السلام وإلقائه أمرت المسلم برده، واتفق أهل العلم على وجوب الرد على الكفاية؛ وذلك لدفع التوهم بالشر في حالة عدم الرد.

    وأدلة الوجوب كثيرة، منها: قوله تعالى: وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها[109].

    • عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم. فرد عليه السلام ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((عشر)) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله. فرد عليه فجلس، فقال: ((عشرون)) ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. فرد عليه فجلس، فقال : ((ثلاثون)) [110]

    قال العيني: قال أصحابنا: رد السلام فريضة على كل من سمع السلام إذا قام به البعض سقط عن الباقين، والتسليم سنة، والرد فريضة، وثواب المسلم أكثر.[111]

    قال العيني: قال أصحابنا: رد السلام فريضة على كل من سمع السلام إذا قام بعض البعض سقط عن الباقين، والتسليم سنة، والرد فريضة، وثواب المسلم أكثر[112].

    وقال الحليمي: إنما كان الرد واجباً؛ لأن السلام معناه الأمان، فإذا ابتدأ به المسلم أخاه فلم يجبه فإنه يتوهم منه الشر، فيجب عليه دفع ذلك التوهم عنه[113].

    وقد ذكر ابن حزم وابن عبد البر والشيخ نقي الدين الإجماع على وجوب الرد[114].

    وإذا سلم رجل على جماعة، فإن ردوا كلهم فهو أفضل، وإن رد واحد منهم، سقط الحرج عن الباقين، ولا إثم.

    قال النووي: وإن كانوا جماعة كان الرد فرض كفاية في حقهم، فإذا رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين، والأفضل أن يبتدئ الجميع بالسلام وأن يرد الجميع[115].

    وقال القارئ: اعلم أن ابتداء السلام سنة مستحبة ليست بواجبة وهي سنة على الكفاية، فإن كانوا جماعة كفى عنهم تسليم واحد ولو سلموا كلهم كان أفضل[116].

    وقال الماوردي: لو دخل شخص مجلساً فإن كان الجمع قليلاً يعمهم سلام واحد فسلم كفاه فإن زاد فخصص بعضهم فلا بأس ويكفي أن يرد منهم واحد فإن زاد فلا بأس وإن كانوا كثيراً بحيث لا ينتشر فيهم فيبتدئ أول دخوله إذا شاهدهم وتتأدى سنة السلام في حق جميع من يسمعه ويجب على من سمعه الرد على الكفاية وإذا جلس سقط عنه سنة السلام فيمن لم يسمعه من الباقين.

    وهل يستحب أن يسلم
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 202
    تاريخ التسجيل : 04/03/2012

    افشاء السلام Empty تابع اداب واحكام افشاء السلام 2

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 31, 2013 10:54 am

    قوله "إن عليك السلام تحية الميت" قال الخطابي: هذا يوهم أن السنة في تحية الميت أن ياقل له عيك السلام كما يفعله كثير من العامة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المقبرة فقال: ((السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين)) فقدم الدعاء على اسم المدعو له هو في تحية الأحياء، وإنما كان ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الأموات إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء وهو مذكور في أشعارهم، كقول الشاعر:
    عليك سلام الله قيس بن عاصم
    ورحمته إن شاء أن يترحما

    وكقول الشماخ:
    عليك السلام من أمير وباركت
    يد الله ذلك الأديم الممزق

    والسنة لا تختلف في تحية الأحياء والأموات بدليل حديث أبي هريرة الذي ذكرناه، والله أعلم[140].

    وقال ابن العربي: في السلام على أهل البقيع لا يعارض النهي في حديث أبي جري؛ لاحتمال أن يكون الله أحياهم لنبيه صلى الله عليه وسلم فسلم عليهم سلام الأحياء.

    قال ابن حجر: كذا قال، ويرده حديث عائشة المذكور. قال: ويحتمل أن يكون النهي مخصوصاً بمن يرى أنها تحية الموتى وبمن يتطير بها من الأحياء فإنها كانت عادة أهل الجاهلية وجاء الإسلام بخلاف ذلك[141].

    وقال عياض: كانت عادة العرب في تحية الموتى تأخير الاسم كقولهم "عليه لعنة الله وغضبه" عند الذم، وكقوله تعالى: ﴿ وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين ﴾ [142].

    وتعقب بأن النص في الملاعنة ورد بتقديم اللعنة والغضب على الاسم[143].

    وقال القرطبي: يحتمل أن يكون حديث عائشة لمن زار المقبرة فسلم على جميع من بها.

    وحديث أبي جرى إثباتاً ونفياً في السلام على الشخص الواحد[144].

    وقال ابن القيم: وكان هديه في ابتداء السلام أن يقول السلام عليكم ورحمة الله، وكان يكره أن يقول المبتدئ عليك السلام، قال أبو جري الهجيمي: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: عليك السلام يا رسول الله. فقال: لا تقل عليك السلام لأن عليك السلام تحية الموتى. حديث صحيح، وقد أشكل هذا الحديث على طائفة وظنوه معارضاً لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في السلام على الأموات بلفظ السلام عليكم بتقديم السلام، فظنوا أن قوله "فإن عليك السلام تحية الموتى" إخبار عن المشروع، وغلطوا في ذلك غلطاص أوجب لهم ظن التعارض، وإنما معنى قوله "فإن عليك السلام تحية الموتى" إخبار عن الواقع لا المشروع، أي أن الشعراء ويغرهم يحيون الموتى بهذه اللفظة.. فكره النبي صلى الله عليه وسلم أن يحيا بتحية الأموات، ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم، وكان يرد على المسلم "وعليك السلام" بالواو، وبتقديم عليك على لفظ السلام[145].

    رابعاً: السلام على المرأة الأجنبية:
    سلام الرجل على المرأة الأجنبية، منعه بعض أهل العلم، وأجازه البعض بقيد أمن الفتنة، وبعضهم فصل فقال: إن كانت شابة جميلة لم يجرز، وإن كانت عجوزاً جاز، وبعضهم أطلق فمنعه في الشابة، وأجازه مع الكبيرة، وهو المختار، وعلة المنع ظاهرة، وهي سد الذريعة، وخشية الافتتان. وما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك، فهو معصوم مأمون من الفتنة، وما ورد عن الصحابة، يحمل على أمن الفتنة. والدليل على هذا ما رواه ابن أبي حازم عن أبيه عن سهل قال:... كانت لنا عجوز ترسلُ إلى بُضاعة – نخل بالمدينة – فتأخذ أصُول السَّلق فتطرحه في قدرٍ وتكركر حبات من شعير، فإذا صلينا الجمعة انصرفنا ونسلم عليها، فتقدمه إلينا، فنفرح من أجله، وما كنا نقيل ولا نتغدى إلا بعد الجمعة[146], وعن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة، هذا جبريل يقرأ عليك السلام قالت قلت وعليه السلام ورحمة الله ترى ما لا نرى تريد رسول الله صلى الله عليه وسلم[147].

    وثبت في مسلم حديث أم هانئ رضي الله عنها أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل فسلمت عليه[148].

    قال النووي: وأما النساء فإن كن جميعاً سلم عليهن، وإن كانت واحدة سلم عليها النساء وزوجها وسيدها ومحرمها سواء كانت جميلة أو غيرها، وأما الأجنبي فإن كانت عجوزاً لا تشتهي استحب له السلام عليها واستحب لها السلام عليه ومن سلم منهما لزم الآخر رد السلام عليه، وإن كانت شابة أو عجوزاً تشتهي لم يسلم عليها الأجنبي ولم تسلم عليه ومن سلم منهما لم يستحق جواباً ويكره رد جوابه هذا مذهبنا ومذهب الجمهور[149].

    وقال الحليمي: كان صلى الله عليه وسلم للعصمة مأموناً من الفتنة، فمن وثق من نفسه بالسلامة فليسلم، وإلا فالصمت أسلم[150].

    وقال ابن بطال عن المهلب: سلام الرجل على النساء والنساء على الرجال جائز إذا أمنت الفتنة.

    وفرق المالكية بين الشابة والعجوز سداً للذريعة.

    ومنعه في الشابة، وإجازته مع الكبيرة منصوص أحمد رحمه الله قال صالح: سألت أبي: يسلم على المرأة؟ فقال: أما الكبيرة، فلا بأس، وأما الشابة فلا تستنطق[151].

    وقال الكوفيون: لا يشرع للنساء ابتداء السلام على الرجال لأنهن منعن من الأذان والإقامة والجهر بالقراءة، قالوا: ويستثنى المحرم فيجوز لها السلام عل ى محرمها[152].

    وصوب ابن القيم في هذه المسألة: أنه يسلم على العجوز وذوات المحارم دون غيرهن[153].

    وقال ابن حجر: والمراد بجوازه أن يكون عند أمن الفتنة[154].

    خامساً: السلام بالإشارة:
    الأصل في السلام بالإشارة النهي، لأنه من فعل أهل الكتاب ونحن أمرنا بمجانبتهم، وعدم التشبه بهم. وقد أخرج الترمذي حديث في النهي عن التسليم بالإشارة وإنها من شعار أهل الكتاب، ووسمه الترمذي بالغرابة، وقال عنه الحافظ ابن حجر: وفي سنده ضعف[155]؛ ولكن أخرج النسائي بسند جيد عن جابر رفعه: ((لا تسلموا تسليم اليهود، فإن تسليمهم بالرءوس والأكف والإشارة))[156].

    وقد يرد على هذا الحديث ما روته أسماء بنت يزيد أنها قالت: ((ألوى النبي صلى الله عليه وسلم بيده إلى النساء بالسلام))[157]. ولكن هذا محمولٌ على قرن الإشارة بالتلفظ بالسلام. قال النووي بعد حديث الترمذي: فهذا محولٌ على أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين اللفظ والإشارة، يدل على هذا أن أبا داود روى هذا الحديث، وقال في روايته: ((فسلم علينا))[158].

    وقال الحافظ: والنهي عن السلام بالإشارة مخصوص بمن قدر على اللفظ حساً وشرعاً، وإلا فهي مشروعة لمن يكون في شغل يمنعه من التلفظ بجواب السلام كالمصلي والبعيد والأخرس، وكذا السلام على الأصم[159].

    وقال المباركفوري: ولعلهم كانوا يكتفون في السلام أو رده أو فيهما بالإشارتين من غير نطق بلفظ السلام، الذي هو سنة آدم وذريته من الأنبياء والأولياء[160].

    ويستثنى من كراهة السلام بالإشارة من كان بعيداً بحيث لا يسمع التسليم بجوز السلام عليه إشارة، ويتلفظ مع ذلك بالسلام[161].

    وكذلك يستثنى من كراهة السلام بالإشارة السلام حال الصلاة، فمن الجائز السلام على المصلي، وهذا ثابت من إقرار النبي صلى الله عليه وسلم لصحابته، حيث كانوا يسلمون عليه وهو في الصلاة ولم ينكر عليهم ذلك.

    ومن الأدلة على هذا حديث جابر قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني لحاجة. ثم أدركته وهو يسير (قال قتيبة: يصلي) فسلمت عليه. فأشار إلي. فلما فرغ دعاني فقال: (إنك سلمت آنفاً وأنا أصلي) وهو موجه حينئذ قبل المشرق[162].
    ومنها: حديث صهيب أنه قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يصلي، فسلمت عليه، فرد إشارة. قال: ولا أعلمه إلا قال: إشارة بأصبعه[163].

    ففي هذه الأحاديث وغيرها دليل على جواز إلقاء السلام على المصلي، ورده بالإشارة.

    وليست هناك صفة محدد لرد السلام بالإشارة في الصلاة، والوارد في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم متنوع، فمرة كانت الإشارة بالأصح كما في حديث صهيب المتقدم، ومرة كانت الإشارة باليد كما في حديث جابر، ومرة كانت الإشارة بالكف كما في حديث عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يصلي فيه، قال: فجاءته الأنصار، فسلموا عليه، وهو يصلي، قال: فقلت لبلال: كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال يقول هكذا، وبسط كفه، وبسط جعفر بن عون[164] كفه وجعل بطنه أسفل وجعل ظهره إلى فوق[165].

    قال في عون المعبود: واعلم أن ورد الإشارة لرد السلام في هذا الحديث بجميع الكف، وفي حديث جابر باليد، وفي حديث ابن عمر عن صهيب بالأصبع، وفي حديث ابن مسعود عند البيهقي بلفظ "فأومأ برأسه"[166]، وفي رواية له "فقال برأسه"[167] يعني الرد، ويجمع بين هذه الروايات بأنه صلى الله عليه وسلم فعل هذا مرة فيكون جميع ذلك جائزاً. والله أعلم[168].

    سابعاً: جواز السلام على تالي القرآن ووجوب رده:
    السلام على المشتغل بتلاوة القرآن منعه بعض العلماء وأجازه بعضهم، والصواب مع من أجازه، فلا دليل على إخراج تالي القرآن من عمومات النصوص التي تحق على إفشاء السلام، وعلى وجوب رده.، وكونه مشتغلاً باعلى أنواع الذكر وهو قراءة القرآن؛ لا يمنع من إلقاء السلام عليه، ولا يسقط عنه واجب الرد.

    قال النووي: وأما المشتغل بقراءة القرآن، فقال الواحدي: الأولى ترك السلام عليه، فإن سلم عليه كفاه الرد بالإشارة، وإن رد لفظا استأنف الاستعاذة وقرأ.

    قال: وفيه نظر، والظاهر أنه يشرع السلام عليه ويجب عليه الرد، ثم قال: وأما من كان مشتغلاً بالدعاء مستغرقاً فيه مستجمع القلب فيحتمل أن يقال هو كالقارئ، والأظهر عندي أنه يكره السلام عليه؛ لانه يتنكد به ويشق عليه أكثر من مشقة الأكل[169].

    ثامناً: كراهية السلام على المتخلي:
    يكره لن يقضي حاجته ببول أو غائط أن يرد السلام بإتفاق أهل العلم، والأصل في هذا ما رواه ابن عمر رضي الله عنهما: أن رجلاً مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول فسلم فلم يرد عليه[170].

    ويستحب لمن أُلقي عليه السلام وهو يقضي حاجته أن يرد السلام بعد الوضوء تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى المهاجر بن قنفذ أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه، فقال: ((إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلى على طهر)) أو قال ((على طهارة))[171].

    وكما يكره رد السلام لمن هو مشتغل بقضاء الحاجة فكذا يكره أن يلقى عليه السلام. قال النووي: يستثنى من العمود بابتداء السلام من كان مشتغلاً بأكل أو شرب أو جماع أو كان في الخلاء أو الحمام أو نائماً أو ناعساً أو مصلياً أو مؤذاناً مادام متلبساً بشيء مما ذكر فلم لم تكن اللقمة في فم الآكل مثلاً شرع السلام عليه ويشرع في حق المتبايعين وسائر المعاملات، واحتج له ابن دقيق العيد بأن الناس غالباً يكونون في اشغالهم فلو روعي ذلك لم يحصل امتثال الإفشاء.

    وقال ابن دقيق العيد: احتج من منع السلام على من في الحمام بأنه بيت الشيطان وليس موضع التحية لاشتغال من فيه بالتنظيف قال: وليس هذا المعنى بالقوي في الكراهية بل يدل على عدم الاستحباب[172].

    قلت: ويستثنى من كراهة إلقاء السلام على من كان في الخلاء من كان عليهم إزار؛ فإنه حينئذ لا كراهة في السلام عليهم، يدل على هذا ما ثبت في صحيح مسلم عن أم هانئ قالت: أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يغتسل وفاطمة تستره فسلمت عليه... الحديث[173].

    تاسعاً: السلام على أهل المعاصي والمبتدعة:
    أما أهل المعاصي فهو يسلم عليهم ويرد عليهم سلامهم، قال النووي: اعلم أن الرجل المسلم الذي ليس بمشهور بفسق ولا بدعة يسلِّم ويسلَّم عليه، فيسن له السلام ويجب الرد عليه[174].

    ولكن إن كان العاصي مشهوراً بفسقه ومعصيته، فهل يقال بترك السلام عليه؟ الجواب: إذا كان في ترك السلام عليه مصلحة راجحة، كأن يرتدع العاصي عن معصيته إذا لم يُسلم عليه أو لا يرد عليه سلامه، فإن كان في ذلك مصلحة تُرك السلام عليه لعله ينتهي، اما إن كان العكس وغلب على ظننا أنه معصيته تزيد؛ فإننا نسلم عليه ونرد عليه سلامه تقليلاً للمفسدة لأنه لا مصلحة من ترك السلام عليه.

    وأما أهل البدع؛ فإن من البدع ما يكون مكفراً، ومنها دون ذلك. فصاحب البدعة المكفرة لا يسلم عليه بحال، وصاحب البدعة غير المكفرة فإنه يأخذ حكم أهل المعاصي كما سبق بيانه. قال الشيخ: أما هجرهم (أي المبتدعة) فهذا يترتب على البدعة، فإذا كانت البدعة مكفَّرة وجب هجره، وإذا كانت دون ذلك فإننا نتوقف في هجره إن كان في هجره مصلحة فعلناه، وإن لم يكن فيه مصلحة اجتنباه، وذلك أن الأصل في المؤمن تحريم هجره لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ولا يحل لرجل مؤمن أن يهجر أخاه فوق ثلاث))[175].

    والأصل في هذا كله حديث كعب بن مالك الطويل في تخلفه عن الغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوبة الله عليه – وفيه قال كعب: ((ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة من بين من تخلف عنه، فاجتنتنا الناس، وتغيروا لنا، حتى تنكرت في نفسي الأرض فما هي بالتي أعرف. فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشبَّ القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين، وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه بردِّ السلام عليَّ أم لا؟))[176].

    قال الطبري: قصة كعب بن مالك أصل في هجران أهل المعاصي[177].

    عاشراً: كراهية السلام حال خطبة الجمعة.
    ودليل هذا حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة: أنصت – والإمام يخطب – فقد لغوت))[178].

    وعلى هذا لا يشرع السلام حال الخطبة لأمر النبي صلى الله عليه وسلم المأمومين بالإنصات حال خطبة الإمام.

    قال النووي: وأما السلام حال الخطبة في الجمعة فيكره للأمر بالإنصات، فلو سلم لم يجب الرد عند من قال الإنصات واجب، ويجب عند من قال أنه سنة، وعلى الوجهين لا ينبغي أن يرد أكثر من واحد[179].

    ولو سلم أحد الداخلين إلى المسجد والإمام يخطب يوم الجمعة هل يجب على المأمومين رد السلام؟
    الجواب: لا يجوز لمن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة إذا كان يسمع الخطبة أن يبدأ بالسلام من في المسجد، وليس لمن في المسجد أن يرد عليه والإمام يخطب، ولكن إن رد عليه بالإشارة جاز[180].

    وما يلزم المأموم إذا سلم عليه من بجانبه وصافحه أثناء خطبة الجمعة؟
    الجواب: يصافحه بيده ولا يتكلم، ويرد عليه السلام بعد انتهاء الخطيب من الخطبة الأولى، وإن سلم والإمام يخطب الخطبة الثانية فأنت تسلم عليه بعد انتهاء الخطيب من الثانية[181].

    حادي عشر: ابتداء أهل الكتاب بالسلام والرد عليهم:
    نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبدأوا أهل الكتاب بالسلام.

    • عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبدؤُوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه))[182].

    قوله: ((لا تبدءوهم بالسلام)) لأن السلام إعزاز وإكرام ولا يجوز إعزازهم ولا إكرامهم بل اللائق بهم الأعراض عنهم وترك الالتفات إليهم تصغيراً لهم وتحقيراً لشأنهم[183].

    وفي ضوء هذه الجملة من الهدي النبوي اختلف أهل العلم في حكم ابتداء أهل الكتاب بالسلام والرد عليهم. قال النووي: واختلف العلماء في رد السلام على الكفار وابتدائهم به فمذهبنا تحريم ابتدائهم به ووجوب رده عليهم بأن يقول وعليكم أو عليكم فقط، ودليلنا في الابتداء قوله صلى الله عليه وسلم ((لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام)) وفي الرد قوله صلى الله عليه وسلم ((فقولوا وعليكم))، وبهذا الذي ذكرناه عن مذهبنا قال أكثر العلماء وعامة السلف.

    وذهبت طائفة إلى جواز ابتدائنا لهم بالسلام، روى ذلك عن ابن عباس قال: من سلم عليك فرد عليه ولو كان مجوسياً. وروى ايضاً عن أبي أمامة وابن ابي محيريز، وبه قال الشعبي وقتادة، وهو وجه لبعض أصحابنا حكاه الماوردي لكنه قال: يقول: السلام عليك ولا يقول عليكم بالجمع، واحتج هؤلاء بعموم الآية، وبعمود الأحاديث وبإفشاء السلام، وهي حجة باطلة لأنه عام مخصوص بحديث ((لا تبدأوا اليهود ولا النصارى بالسلام))، وأما الآية فقد قال عطاء: الآية مخصوصة بالمسلمين فلا يرد السلام على الكافر مطلقاً.

    قال: وقال بعض أصحابنا يكره ابتداؤهم بالسلام ولا يحرم وهذا ضعيف أيضاً لأن النهي للتحريم فالصواب تحريم ابتدائهم.

    وحكى القاضي عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم به للضرورة والحاجة أو سبب، وهو قول علقمة والنخعي[184].

    وقوله: ((فاضطروهم إلى أضيق الطريق)). قال النووي: قال أصحابنا: لا يترك للذمي صدر الطريق بل يضطر إلى أضيقه إذا كان المسلمون يطرقون فإن خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج قالوا: وليكن التضييق بحيث لا يقع في وهدة ولا يصدمه جدار ونحوه والله أعلم[185].

    وقال القارئ: أي ألجؤهم إلى أضيقه بحيث لو كان في الطريق جدار يلتصق بالجدار وإلا فيأمره ليعدل عن وسط الطريق إلى أحد طرفيه[186].

    قال المناوي: فاضطروه إلى أضيقه بحيث لا يقع في وهدة لا يصدمه نحو جدار أي لا تتركوا له صدر الطريق إكراماً واحتراماً، فهذه الجملة مناسبة للأولى في المعنى والعطف، وليس معناه – كما قال القرطبي – إنا لو لقيناهم في طريق واحد نلجئهم إلى حرفه حتى يضيق عليهم لأنه إيذاء بلا سبب وقد نهينا عن إيذائهم ونبه بهذا على ضيق مسلك الكفر وأنه يلجئ إلى النار[187].

    ولكن ماذا لو دعت الحاجة للسلام على أهل الكتاب، فهل يجوز السلام عليهم؟
    الجواب: الحديث السابق ظاهر في المنع، ولكن إن احتيج لذلك، فليكن بغير السلام، ككيف أصبحت، أو كيف أمسيت ونحو ذلك. قال ابن مفلح: قال الشيخ تقي الدين: إن خاطبه بكلامٍ غير السلام مما يؤنسه به، فلا بأس بذلك[188].

    وقال النووي: قال أبو سعد المتولي: لو أراد تحية ذمي، فعلها بغير السلام، بأن يقول: هداك الله، أو أنعم الله صباحك. قلت: (أي: النووي): هذا الذي قاله أبو سعد لا بأس به إذا احتاج إليه، فيقول: صُبحت بالخير، أو السعادة، أو العافية، أو صبحك الله بالسرور، أو بالسعادة والنعمة، أو بالمسرة، أو ما أشبه ذلك. وأما إذا لم يحتج إليه، فالاختيار أن لا يقول شيئاً، فإن ذلك بسط له وإيناس وإظهار صورة ود، ونحن مأمورون بالإغلاظ عليهم ومنهيون عن ودهم فلا نظهره. والله أعلم[189].

    وإذا سمع المسلم الكتابي يقول: (السلام عليكم) بلفظ واحد، فهل نرد عليه بـ (وعليكم) عملاً بظاهر الحديث، أم نرد عليه سلامه ونقول: (وعليكم السلام)؟

    الجواب: ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا تحققنا من لفظ السلام ولم نشك فيه فإنه ينبغي علينا أن نرد السلام.

    قال ابن القيم: فلو تحقق المسامع أن الذي قال له: سلام عليكم لا شك فيه، فهل له أن يقول: وعليك السلام، أو يقتصر على قوله وعليك؟ فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له، وعليك السلام. فإن هذا من باب العدل، والله تعالى يأمر بالعدل والإحسان، وقد قال تعالى: ­﴿وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها﴾[190]. فندب إلى الفضل، وأوجب العدل ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما فإنه صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالاقتصار على قول الراد (وعليكم) بناء على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، وأشار إليه في حديث عائشة – رضي الله عنها – فقال: ((ألا تزينني قلت: وعليكم، لما قالوا: السّام عليك[191])) ثم قال: ((إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم)). والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظير المذكور لا فيما يخالفه. قال الله تعالى ﴿وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُوَيَقُولُونَ فِي أَنفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المَصِيرُ﴾. فإذا زال السبب، وقال الكتابي: ((سلام عليكم ورحمة الله)) فالعدل في التحية أن يرد عليه نظير سلامه. أ.هـ[192].

    ومع جواز الرد على أهل الكتاب إذا سلموا لكن لا يقال لهم وعليكم السلام، بل يقال عليكم فقط أو وعليكم.

    عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم ففهمتها فقلت: عليكم السام واللعنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مهلاً يا عائشة، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله. فقلت: يا رسول الله، أو لم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقد قتل: وعليكم[193].

    وعن عبدالله بن عمر رضي الله -رضي الله عنهما- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سلم عليكم اليهود فإنما يقول أحدهم: السام عليك. فقل: وعليك[194].

    وعن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم))[195].

    قال ابن حجر:..... وذهب جماعة من السلف إلى أنه يجوز أن يقال في الرد عليهم "عليكم السلام" كما يرد على المسلم، واحتج بعضهم بقوله تعالى: ﴿فاصفح عنهم وقل سلام﴾ وحكاه الماوردي وجهاً عن بعض الشافعية لكن لا يقول ((ورحمة الله)).

    قال النووي: وهو ضعيف مخالف للأحاديث. وقيل: يجوز مطلقاً، وعن ابن عباس وعلقمة يجوز عند الضرورة، وعن الأوزاعي إن سلمت فقد سلم الصالحون وإن تركت فقد تركوا، وعن طائفة من العلماء لا يرد عليهم السلام أصلاً؛ وعن بعضهم التفرقة بني أهل الذمة وأهل الحرب، والراجح من هذه الأقوال كلها ما دل عليه الحديث ولكنه مختص بأهل الكتاب، وقد أخرج أحمد بسند جيد عن حميد بن زادويه وهو غير حميد الطويل في الأصح عن أنس "أمرنا أن لا نزيد على أهل الكتاب على "وعليكم"[196].

    ولا يجوز أن يقتصر المسلم في الرد على أخيه على قوله "وعليكم" كما يرد على أهل الكتاب. قال ابن حجر: واستدل به – أي: حديث عائشة في الرد على أهل الذمة- على أن هذا الرد – يعني: لفظ "وعليكم"- خاص بالكفار فلا يجزئ في الرد على المسلم، وقيل: إن أجاب بالواو أجزأ وإلا فلا.

    وقال ابن دقيق العيد: التحقيق أنه كاف في حصول معنى السلام لا في امتثال الأمر في قوله "فحيوا بأحسن منها أو ردوها" وكأنه أراد الذي بغير واو، وأما الذي بالواو فقد ورد في عدة أحاديث، منها في الطبراني عن ابن عباس جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: سلام عليكم فقالت: وعليك ورحمة الله[197]"، وله في الأوسط عن سلمان أتى رجل فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال: وعليك. [198]" قال ابن حجر: لكن لما اشتهرت هذه الصيغة للرد على غير المسلم ينبغي ترك جواب المسلم بها وإن كانت مجزئة في أصل الرد، والله أعلم[199].

    وإذا سلم المسلم على رجل يظنه من مسلماً ثم بان له أنه على غير ملة الإسلام، فماذا يفعل؟

    قال الباجي: ونقل ابن العربي عن مالك: لو ابتدأ شخصاً بالسلام وهو يظنه مسلماً فبان كافرا كان ابن عمر يسترد منه سلامه. وقال مالك: لا. قال ابن العبي: لأن الاسترداد حينئذ لا فائدة له؛ لأنه لم يحصل له منه شيء لكونه قصد السلام على المسلم. وقال غيره: له فائدة وهو إعلام الكافر بأنه ليس أهلاً للابتداء بالسلام.

    قال ابن حجر: ويتأكد إذا كان هناك من يخشى إنكاره لذلك أو اقتداؤه به إذا كان الذي سلم ممن يقتدي به[200].

    ثاني عشر: جواز السلام على مجلس فيه أخلاط[201] من المسلمين والمشركين:
    إذا مر المسلم على مجلس فيه مسلمون وغيرهم، فإنه لا بأس أن يسلم ويقصد بسلامه المسلمين، دل على هذا فعل الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم.

    عن أسامة بن زيد رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب حماراً عليه إكافٌ تحته قطيفة فدكية، وأردف وراءهُ أسامة بن زيد وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحارث بن الخزرج – وذلك قبل وقعة بدر – حتى مرَّ في مجلس فيه أخلاطٌ من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفيهم عبدالله بن أبيِّ سلول، وفي المجلس عبدالله بن رواحة. فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة خمَّر عبدالله بن أبيٍّ أنفه بردائه، ثم قال: لا تغبروا علينا. فسلم عليهم النبي صلى الله عليه وسلم ثم وقف فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن.. الحديث[202])).

    قال النووي: فيه جواز الابتداء بالسلام على قوم فيهم مسلمون وكفار، وهذا مجمع عليه[203].

    وقال: ويجوز الابتداء بالسلام على جمع فيهم مسلمون وكفار أو مسلم وكفار ويقصد المسلمين[204].

    قال ابن العربي: ومثله إذا مر بمجلس يجمع أهل السنة والبدعة، وبمجلس فيه عدول وظلمة، وبمجلس فيه محب ومبغض[205].

    ولا يعكر على هذا حديث المنع من ابتداء أهل الكتاب بالسلام، فإن ذلك الحديث في ما إذا كان المُسَّلم عليه ذمياً أو كانوا جماعة من أهل الكتاب، أما هنا فإن المجلس فيه مسلمون، ولذلك فإنه يجوز السلام على مجلس فيه أخلاط من المسلمين والمشركين بنية السلام على المسلمين فقط. قيل للإمام أحمد رضي الله عنه: نعامل اليهود والنصارى ونأتيهم في منازلهم وعندهم قوم مسلمون، أُسلم عليهم؟ قال: نعم، وتنوي السلام على المسلمين[206].

    وهل يقال لجماعة فيهم مسلمون وكفار عند السلام: السلام على من أتبع الهدى؟
    الجواب: لا يقال ((السلام على من اتبع الهدى)) لجماعة فيهم مسلمون وكفار، بل يسلم عليهم كما سبق وينوي بذلك المسلمين، وحول هذا المعنى قال ابن عثيمين: وإذا كانوا مسلمين ونصارى فإنه يسلم عليهم بالسلام المعتاد يقول السلام عليكم يقصد بذلك المسلمين[207].

    الخاتمة
    1- إن تحية الإسلام تعبير عن احترام المسلم لأخيه وعدم احتقاره وأنه يريد له حياة كريمة مملوءة أمناً وأماناً وسكينة وطمأنينة ووقاراً.
    2- إن إفشاء السلام له أثر كبير في توثيق عرى المحبة والألفة والتضامن بين المسلمين وعليه فهو سبب أصيل في دخول الجنان.
    3- إن إفشاء السلام من حقوق الأخوة وأحد الوصايا التي أوصى بها الرسول الكريم أمته والاستجابة لهذه الوصية تعني استقرار المجتمع المسلم وسلامته.
    4- إن البادئ بالسلام أولى الناس بالله تعالى في مرضاته وخيراته وإحسانة وأخصهم برحمته وغفرانه وما ذلك إلا لصفاء نفسه ونقاء فطرته
    5- الأصل في السلام أن يبتدأ به الأقل رتبة فيسلم الصغير على الكبير أو الأقل عدداً فيسلم القليل على الكثير أو صاحب المزية فيسلم الراكب على الماشي وهكذا
    6- من السنة إلقاء السلام على الصبيان تعويداً لهم وتدريباً على آداب الشريعة وحملاً للنفس على التواضع.
    7- لا ينبغي أن يقتصر المرء في سلامه على من يعرفه بل يشمل سلامه كل من يلاقيه من المسلمين.
    8- السلام اسم من أسماء الله تعالى وإلقاءه ورده بركة وخير وفضل ولذا استحب أن يبدأ الرجل أهله بالسلام إذا دخل عليهم.
    9- من السنة إلقاء المسلم السلام حال مغادرته المجلس ليعلم أهله أنهم آمنون منه في كل أحواله حال حضوره وغيابه حال دخوله وخروجه.

    كما تلخص عندي مجموعة من الأحكام المتعلقة بإفشاء السلام وهي:
    1- إلقاء السلام سنة وارده واجب على الكفاية إن كانوا جماعة وإلا فهو فرض عين.
    2- الأفضل للمسلم أن يأتي بلفظ السلام كاملا دون الاقتصار على بعضه لما في ذلك من زيادة الفضل والثواب.
    3- الأصل أن يسلم الرجل على محارمه أما المرأة الأجنبية فإنه يجوز أن يسلم عليها إذا كانت عجوز بشرط أمن الفتنة.
    4- ليس من سمات أهل الإيمان الإشارة بالكف حال السلام إلا في حالة كرد السلام أثناء الصلاة أو كان المسلم عليه بعيدا بحيث لا يسمع السلام أو كان أصم أو أخرس لكن بشرط أن يتلفظ بالسلام.
    5- لا يمنع إلقاء السلام ورده إلا في حالتين:
    الأولى: وهي اشتغال المسلم بقضاء حاجته لأن الخلاء ليس موضعا للتحية ولا لذكر الله تعالى.
    الثانية: حال خطبة الجمعة لأمر الرسول المسلمين بالانصات التام.
    6- إذا كانت هناك مصلحة راجحة من ترك السلام على العاصي والمبتدع فحينئذ يترك السلام عليه من باب الزجر بالهجر وإلا فلا يشرع ترك السلام.
    7- لا يجوز للمسلم أن يبدأ كتابا بالسلام لأن السلام إغرار وإكرام وهذا لا يليق بهم وإنما اللائق بهم الإعراض عنهم وترك الالتفاف إليهم، فإذا سلم الكتابي على المسلم فإنه يرد عليه بقوله وعليكم إلا إذا سمعه بلفظ واضح يقول له السلام عليكم فإنه يرد عليه قائلا " وعليكم السلام " من باب العدل والانصاف.
    8- إذا مر المسلم على مجلس فيه مسلمون وكفار أو عدول ظلمه فإنه لا بأس أن يسلم عليهم ويقصد بسلامه المسلمين والعدول.

    وبعد:
    فلو أن المسلمين التزموا التزاماً عملياً بهذه السنة الطيّبة، وأفشوا السلام بينهم في كلّ مكان، وعلى أية حال، في السفر أو الحضر، في الرخاء أو البأساء، لنعموا بالسلام، وانتشر الأمن والأمان والعدل والاستقرار، ولهذا لم يُحسد المسلمون على شئ مثلما حسدوا على السلام.

    • عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام والتأمين)) [208]

    [1] الحديث أخرجه: مسلم كتاب الإيمان باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون وأن محبة المؤمنين من الإيمان وأن إفشاء السلام سبب لحصولها ج1/ص74 (54)، وأبو داود كتاب الأدب باب في إفشاء السلام ج4/ص350 (5193)، والترمذي كتاب الاستئذان باب من جاء في إفشاء السلام ج5/ص52 (2688) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجة كتاب الأدب في إفشاء السلام ج2/ص117 (3692)
    [2] فتح الباري ج11/ص18
    [3] فتح الباري ج11/ص18
    [4] باب يسمع إذا سلم ج1/ص347(1005 )
    [5] الآية من سورة النساء، رقم 94
    [6] الآية من سورة يس، رقم58
    [7] الآية من سورة النساء، رقم86
    [8] فتح الباري ج11/ص13
    [9] المفهم 5 / 485، فيض القدير ج4/ص151
    [10] فتح الباري ج11/ص18
    [11] الآية من سورة النور، رقم 27
    [12] الآية من سورة النساء، رقم 86
    [13] تفسير ابن كثير ج1/ص532
    [14] الآية من سورة النور، رقم 61
    [15] ضعيف. أخرجه: الترمذي كتاب العلم باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع ج5/ص46( 2678 ) وقال: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وأبو يعلى في مسنده ج6/ص306 ( 3624)، والطبراني في المعجم الأوسط ج6/ص123( 5991)، وفي المعجم الصغير ج2/ص100(856 )، وفيه عبد الله بن المثنى بن عبد الله بن أنس بن مالك الأنصاري أبو المثنى البصري قال النسائي: ليس بالقوي. وذكره ابن حبان في كتاب الثقات، وقال : ربما أخطأ. وقال أبو عبيد الآجري : سألت أبا داود عن عبد الله بن المثني الأنصاري فقال: لا أخرج حديثه. تهذيب الكمال ج16/ص26، وقال ابن حجر: صدوق كثير الغلط. تقريب التهذيب ج1/ص320، إلا أنه توبع عند أبي يعلى في مسنده بعباد المنقري وهو ضعيف فيَقوى حديثه، لكن تبقى العلة كامنة في من عليه مدار الحديث وهو علي بن زيد بن جدعان التيمي البصري الضرير وهو ضعيف الحديث. قال الدارقطني: لا يزال عندي فيه لين. وقال الذهبي: أحد الحفاظ وليس بالثبت. الكاشف ج2/ص40، وقال ابن حجر: ضعيف. تقريب التهذيب ج1/ص401
    [16] تحفة الأحوذي ج7/ص397
    [17] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب بدء السلام ج5/ص2299( 5873 )، ومسلم كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها باب يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير ج4/ص2183(2841)، وأحمد بن حنبل ج2/ص315(8156)
    [18] فتح الباري ج10/ص600
    [19] صحيح ابن حبان ج14/ص36(6164 )ولفظه:] لما خلق الله آدم عطس، فألهمه ربه أن قال: الحمد لله. فقال له ربه: يرحمك الله، فلذلك سبقت رحمته غضبه. [
    [20] فتح الباري ج11/ص4
    [21]المفهم 7 / 184 – 185
    [22] فيض القدير ج3/ص446
    [23] صحيح. أخرجه: الترمذي كتاب صفة القيامة والرقائق والورع ج4/ص652( 2485 ) وقال: هذا حديث صحيح، وابن ماجه كتاب الأطعمة باب إطعام الطعام ج2/ص1083( 3251 )، والدارمي كتاب الصلاة باب فضل صلاة الليل ج1/ص405 (1460 )، وأحمد بن حنبل ج5/ص451(23835 )، والحاكم في المستدرك على الصحيحين ج4/ص176(7277 ) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.
    [24] الحديث أخرجه: مسلم كتاب الإيمان باب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون وأن محبة المؤمنين من الإيمان وأن إفشاء السلام سبب لحصولها ج1/ص74( 54 )، وأبو داود كتاب الأدب باب في إفشاء السلام ج4/ص350(5193 )، و الترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في إفشاء السلام ج5/ص52 ( 2688 ) وقال: هذا حديث حسن صحيح، وابن ماجه كتاب الأدب باب إفشاء السلام ج2/ص117(3692)، وأحمد بن حنبل ج2/ص442(9707 )
    [25] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب السلام للمعرفة وغير المعرفة ج5/ص2302( 5882 )، ومسلم كتاب الإيمان باب بيان تفاضل الإسلام وأي أموره أفضل ج1/ص65(39)، وأبو داود كتاب الأدب باب في إفشاء السلام ج4/ص350(5194)، والنسائي كتاب الإيمان وشرائعه باب أي الإسلام خير ج8/ص107(5000)، وابن ماجه كتاب الأطعمة باب إطعام الطعام ج2/ص1083(3253)، وأحمد بن حنبل ج2/ص169(6581)
    [26] فتح الباري ج11/ص21، شرح النووي على صحيح مسلم ج2/ص10
    [27] فتح الباري ج11/ص21
    [28] شرح ابن بطال 9 / 18
    [29] شرح النووي على صحيح مسلم ج2/ص36
    [30] تحفة الأحوذي ج7/ص383
    [31] عارضة الأحوذي 10 / 162 - 163 بتصرف.
    [32] شرح النووي على صحيح مسلم ج2/ص36
    [33] صحيح. أخرجه: البخاري في الأدب المفرد ج1/ص358(1039)، والبزار في مسنده ج5/ص174( 1771 )، والطبراني في المعجم الكبير ج10/ص182 ( 10391 )، والبيهقي في شعب الإيمان ج6/ص432(8782)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ج8/ص29 وقال: رواه البزار بإسنادين والطبراني بأسانيد، وأحدهما رجاله رجال الصحيح عند البزار والطبراني.
    [34] ضعيف. أخرجه: الطبراني في المعجم الأوسط ج8/ص192(8369)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين ج3/ص485(5815 ) وقال أبو المطرف محمد بن أبي الوزير من ثقات البصريين و قدمائهم، لا أعلم أني علوت له في حديث غير هذا، وقال الذهبي : أبو مطرف ضعفه أبو حاتم، والبيهقي في شعب الإيمان ج6/ص430(8772)، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ج8/ص82 وقال: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه موسى بن عبدالملك بن عمير وهو ضعيف. قلت: مداره على موسى بن عبد الملك بن عمير القرشي، قال أبو حاتم الرازي : ضعيف الحديث. الجرح والتعديل ج8/ص151، وقال عقب الحديث: هذا منكر. ميزان الاعتدال في نقد الرجال ج6/ص551
    [35] الحديث أخرجه: مسلم كتاب السلام باب من حق المسلم للمسلم رد السلام 4 / 1705 (2162 )، وأحمد بن حنبل ج2/ص372(8832 )، والبخاري في الأدب المفرد ج1/ص343 (991 )
    [36] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الجنائز باب الأمر باتباع الجنائز ج1/ص418(1183)، ومسلم كتاب السلام باب من حق المسلم للمسلم رد السلام ج4/ص1704(2162)
    [37] فتح الباري ج3/ص113، وراجع: شرح ابن بطال 3 / 238
    [38] فتح الباري ج10/ ص113
    [39] عمدة القاري ج8/ص13
    [40] فيض القدير ج3/ص390
    [41] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب إفشاء السلام ج5/ص2302 (5881)، ومسلم كتاب اللباس والزينة باب تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء وخاتم الذهب والحرير على الرجل وإباحته للنساء وإباحة العلم ونحوه للرجل ما لم يزد على أربع أصابع ج3/ص1635 (2066)
    [42] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الأدب باب الهجرة وقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل لرجل أن يهجر أخاه فوق ثلاث 5 / 2256( 5727)، ومسلم كتاب البر والصلة باب تحريم الهجر فوق ثلاث بلا عذر شرعي 4 / 1984 (2560)، وأبو داود كتاب الأدب باب فيمن يهجر أخاه المسلم ج4/ص278(4911)
    [43] أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب في فضل من بدأ بالسلام ج4/ص351( 5197 ) بإسناد رجاله ثقات.
    [44] عون المعبود ج14/ص70
    [45] فيض القدير ج2/ص441
    [46] الأذكار ص 224
    [47] فتح الباري ج11/ص20 – 21، وراجع: شرح الإلمام
    [48] صحيح. أخرجه : مالك في الموطأ كتاب السلام باب جامع السلام ج2/ص961( 1726 )، والبخاري في الأدب المفرد ج1/ص348(1006)، والبيهقي في شعب الإيمان ج6/ص434(8790)
    [49] حسن. أخرجه:ابن أبي شيبةكتاب الأدب باب ما قالوا في إفشاء السلام ج5/ص248( 25746 )، والبيهقي في شعب الإيمان ج6/ص435(8794)، وفيه المنهال بن عمرو الأسدي الكوفي، قال ابن حجر: صدوق ربما وهم. تهذيب الكمال ج28/ص568، تقريب التهذيب ج1/ص547
    [50] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب يسلم الراكب على الماشي ج5/ص2302 (5878)، ومسلم كتاب السلام باب يسلم الراكب على الماشي والقليل على الكثير ج4/ص1703 (2160)، وأبو داود كتاب الأدب باب من أولى بالسلام ج4/ص351 (5199)، والترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في تسليم الراكب على الماشي ج5/ص61 (2703)
    [51] الحديث أخرجه:البخاري كتاب الاستئذان باب يسلم الصغير على الكبير ج5/ص 2302 (5880)، وأبو داود كتاب الأدب باب من أولى بالسلام ج4/ص351 (5198)، والترمذي كتاب الاستئذان باب من جاء في تسليم الراكب على الماشي ج5/ص62 (2704) قال: وهذا حديث حسن صحيح.
    [52] فتح الباري ج11/ص14
    [53] الحديث أخرجه: الترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في تسليم الراكب على الماشي ج5/ص62(2705) وقال: حسن صحيح، وأحمد في مسنده ج6/ص19(23986 )
    [54] فتح الباري ج11/ص16
    [55] الأدب المفرد ج1/ص344 (994)
    [56] المعجم الكبير ج1/ص300 (880)
    [57] سبق تخريجه.
    [58] أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ج8/ص32، وقال: رواه الطبراني وفيه من لم أعرفهم.
    [59] الأثر أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب في الرجل يفارق الرجل ثم يلقاه أيسلم عليه ج4/ص351 (5200)، وأبو يعلي في مسنده ج11/ص233 (6350).
    [60] عون المعبود ج14/ص71
    [61] تحفة الأحوذي ج7/ص402
    [62] فتح الباري ج11/ص17
    [63] فتح الباري ج11/ص17
    [64] هو: شيخ الشافعية أحمد أبو سعد عبدالرحمن بن مأمون بن علي بن محمد الأبيوردي المتولي، كان رأساً في الفقه والأصول، ذكياً مناظراً، حسن الشكل، كيساً متواضعاً، وكان يلقب بشرف الأئمة، مات في شوال سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء ج19/ص187
    [65] فتح الباري ج11/ص17
    [66] هو: شيخ الشافعية أحمد أبو سعد عبدالرحمن بن مأمون بن علي بن محمد الأبيوردي المتولي، كان رأساً في الفقه والأصول، ذكياً مناظراً، حسن الشكل، كيساً متواضعاً، وكان يلقب بشرف الأئمة، مات في شوال سنة ثمان وسبعين وأربعمائة. سير أعلام النبلاء ج19/ص187
    [67] فتح الباري ج11/ص18
    [68] الحديث أخرجه: مسلم كتاب الأشربة باب إكرام الضيف وفضل إيثاره ج3/ص1625(2055)، والترمذي كتاب الاستئذان باب كيف السلام ج5/ص70(719) وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في السنن الكبرى كتاب عمل اليوم والليلة باب كيف السلام ج6/ص88 (10155)، وأحمد بن حنبل ج6/ص3 (23863).
    [69] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ص14
    [70] فتح الباري ج11/ص18
    [71] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب التسليم والاستئذان ثلاثاً ج5/ص2305(5890)، والترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في كراهية أن يقول عليك السلام مبتدئاً ج5/ص72(2723) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب.
    [72] أي ولم يسمع بعضهم وقصد الاستيعاب (قال ابن حجر – فتح الباري 11/29) وكلام النووي في رياض الصالحين (باب كيفية السلام ص 291) ط. دار عالم الكتب. الطبعة الحادية عشر 1409 هـ
    [73] فتح الباري حديث رقم (6244)(11/29). وانظر كذلك زاد المعاد (2/418)ط. مؤسسة الرسالة.
    [74] تحفة الأحوذي ج7/ص422
    [75] الأدب المفرد باب يسمع إذا سلم ج1/ص347 (1005)، ومصنف عبدالرازق كتاب الطهارة باب الوضوء من النوم ج1/ص130 (486).
    [76] زاد المعاد (2/419)
    [77] فتح الباري (11/21)
    [78] الأذكار ص354، 355، وقد أكثرت النقل، لكثرة من يتساهل في رد السلام، فليعتن المسلم بذلك حيث يسقط عنه الإثم.
    [79] سبق تخريجه.
    [80] الحديث أخرجه: أحمد بن حنبل ج1/ص405 (3848)، والطبراني في المعجم الكبير ج9/ص296 (9486)، والبيهقي في الكبرى كتاب الصلاة باب ما يجوز من قراءة القرآن والذكر في الصلاة يريد به جواباً أو تنبيهاً ج2/ص245 (314)
    [81] الحديث أخرجه: أحمد بن حنبل ج1/ص387 (3664)، والطبراني في المعجم الكبير ج9/ص297(9491).
    [82] الحديث أخرجه: أحمد بن حنبل ج1/ص407 (387)، والبخاري في الأدب المفرد باب من كره تسليم الخاصة ج1/ص360 (1049)، والمستدرك على الصحيحين ج4/ص110 (7043) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ج7/ص329 وقال: رواه كله أحمد والبراز ببعضه والطبراني، ورجال أحمد والبراز رجال الصحيح.
    [83] الأذكار ص370
    [84] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب التسليم على الصبيان ج5/ص2306 (5893)، ومسلم كتاب السلام باب استحباب السلام على الصبيان ج4/ص1708 (2168) وأبو داود كتاب الأدب باب في السلام على الصبيان ج4/ص352 (5202)، والترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في التسليم على الصبيان ج5/ص57 (2696) وقال: هذا حديث صحيح، والنسائي في السنن الكبرى كتاب عمل اليوم والليلة باب التسليم على الصبيان والدعاء لهم وممازحتهم ج6/ص90 (10162)، والدارمي كتاب الاستئذان باب في التسليم على الصبيان ج2/ص358(2636)، وأحمد بن حنبل ج3/ص169 (12747).
    [85] فتح الباري ج11/ص14
    [86] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ص149
    [87] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ص149
    [88] الأثر أخرجه: البخاري في الأدب المفرد باب إذا دخل بيتاً غير مسكون ج1/ص363 (1055).
    [89] تفسير الصنعاني ج3/ص66
    [90] فتح الباري (11/23)
    [91] سبق تخريجه
    [92] تفسير ابن كثير
    [93] الحديث اخرجه: أبو داود كتاب الجهاد باب فضل الغزو في البحر ج3/ص7 (2494)، والبخاري في الأدب المفرد باب النظر في الدور ج1/ص375 (1094)، وابن حبان في صحيحه ج2/ص251 (499)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين ج2/ص83(2400) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.
    [94] الحديث أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب في الرجل يقول فلان يقرئك السلام ج4/ص358(5231)، والنسائي في السنن الكبرى كتاب عمل اليوم والليلة باب ما يقول إذا يل له إن فلاناً يقرأ عليك السلام ج6/ص101 (10205)، وأحمد بن حنبل ج5/ص366 (23153) وابن أبي شيبة كتاب الأدب باب في الرجل يبلغ الرجل السلام ما يقول له ج5/243 (25691).
    [95] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال ج5/ص2306 (5895)، ومسلم كتاب فضائل الصحابة باب في فضل عائشة رضي الله تعالى عنهما ج4/ص1895 (2447).
    [96] الحديث اخرجه النسائي في السنن الكبرى كتاب المناقب باب مناقب خديجة بنت خويلة رضي الله عنها ج5/ص94(8359)، والحاكم في المستدرك على الصحيحين ج3/ص206 (4856) وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه.
    [97] فتح الباري ج 11/ ص 38
    [98] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب من رد فقال عليك السلام ج5/ ص2307(5897)، ومسلم كتاب الصلاة باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة وإنه إذا لم يحسن الفاتحة ولا أمكنه تعلمها قرأن ما تيسر له من غيرها ج1/ ص 295 (397)
    [99] زاد المعاد 2/413، 414)
    [100] سنن الترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في السلام قبل الكلام ج5/ص 59 (2699) وقال: هذا حديث منكر لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
    [101] الأذكار صـ 362
    [102] تحفة الأحوذي ج 7/ ص 397
    [103] الحديث أخرجه: البخاري في الأدب المفرد ج1/ ص 342 (986) وابن حبان في صحيحه ج2/ص 246 (493) بإسناد صحيح. كذا أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب في السلام إذا قام من المجلس ج 4 / ص 353 (5208)، والترمذي كتاب الاستئذان باب مما جاء في التسليم عند القيام وعند القعود ج 5/ ص 62 (2706) وقال: هذا حديث حسن، والنسائي في السنن الكبرى كتاب عمل اليوم والليلة باب ما يقول إذا انتهى إلى قوم فجلس إليهم ج 6/ ص 92 (10174)، وأحمد بن حنبل ج2/ ص 439 (9662).
    [104] تحفة الأحوذي ج 7/ ص 403
    [105] تحفة الأحوذي ج 7/ ص 403
    [106]تحفة الأحوذي ج 7/ ص 403
    [107] سبق تخريجه
    [108] فتح الباري ج 11/ ص 19
    [109] سورة النساء، آية رقم 86
    [110] صحيح. أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب كيف السلام ج4/ص350( 5195)، والترمذي كتاب الاستئذان باب ما ذكر في فضل السلام ج5/ص52 (2689) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وأحمد بن حنبل ج4/ص439(19962)، والدارمي كتاب الاستئذان باب في فضل التسليم ورده ج2/ص360(2640)
    [111] عمدة القاري ج8/ص11
    [112] عمدة القارئ ج 8/ ص 11
    [113] فتح الباري ج 11/ص7
    [114] انظر: الآداب الشرعية (1/356) ط. مؤسسة الرسالة.
    [115] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ ص140
    [116] عون المعبود ج14/ص 79
    [117] فتح الباري ج 11/ ص 14
    [118] صحيح. أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب كيف السلام ج 4/ص 350 (5195)، والترمذي كتاب الاستئذان باب ما ذكر في فضل السلام ج 5/ص 52 (2689) وقال: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وأحمد بن حنبل ج4 / ص 439 (19962)، والدارمي كتاب الاستئذان باب في فضل التسليم ورده ج2/ ص 360 (2640).
    [119] تحفة الأحوذي ج7/ ص 384
    [120] سورة النساء. آية رقم 86
    [121] موطأ مالك كتاب السلام باب العمل في السلام ج2/ ص 959 (1722)
    [122] شعب الإيمان ج6/ص 456 (8880)
    [123] شعب الإيمان ج6/ص 510 (9096) والقائل هو عروة وليس عمر.
    [124] موطأ مالك كتاب السلام باب جامع السلام ج2 / ص 962 (1727)
    [125] الأدب المفرد باب التسليم بالمعرفة وغيرها ج1/ ص 351 (1016)
    [126] الأدب المفرد باب منتهى السلام ج1/ ص 346 (1001)
    [127] المعجم الكبير ج6/ص75 (5563)، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد ج8/ص31 وقال: رواه الطبراني وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف.
    [128] سنن أبي داود كتاب الأدب باب كيف السلام ج4/ص 350 (5196)
    [129] عمل اليوم والليلة باب رد الواحد من الجماعة يجزئ عن جميعهم ج1/ص197 (235)
    [130] فتح الباري ج 11/ص 6
    [131] الحديث أخرجه: أبو داود كتاب الأدب باب كراهية أن يقول عليك السلام ج4/ص353 (5209)، والترمذي كتاب الاستئذان باب ما جاء في كراهية أن يقول عليك السلام مبتدئاً ج5/ص71 (2722) وقال: هذا حديث حسن صحيح، والنسائي في السنن الكبرى كتاب عمل اليوم والليلة باب كيف السلام ج6/ص87 (10149)، وأحمد بن حنبل ج3/ص482 (15997).
    [132] فتح الباري ج11/5
    [133] الأذكار
    [134] إحياء علوم الدين
    [135] فتح الباري ج11/ص5
    [136] فتح الباري ج11/ص5
    [137] سورة الرعد، آية رقم 23
    [138] سورة الأنعام آية رقم 54
    [139] سورة الصافات، آية رقم 79
    [140] تحفة الأحوذي ج7/ص 420
    [141] فتح الباري ج11/ص5
    [142] سورة الحجر، آية رقم 35
    [143] فتح الباري ج11/ص5
    [144] فتح الباري ج11/ص5
    [145] قال المباركفوري: في قوله "ومن كراهته لذلك لم يرد على المسلم" نظر فإنه قد وقع في رواية الترمذي هذه ثم رد على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: وعليك ورحمة الله. تحفة الأحوذي ج7/ص421.
    [146] الحديث أخرجه: البخاري كتاب الاستئذان باب تسليم الرجال على النساء والنساء على الرجال ج5/ص2306 (5894) ومسلم كتاب الجمعة باب صلاة الجمعة حين تزول الشمس ج2/ص588 (859).
    [147] سبق تخريجه
    [148] البخاري كتاب الصلاة باب الصلاة في الثواب الواحد ملتحفاً به ج1/ص141 (350)، ومسلم كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب استحباب صلاة الضحى وأن أٌلها ركعتان وأكملها ثمان ركعات وأوسطها أربع أو ست والحث على المحافظة عليها ج1/ص498 (336).
    [149] شرح النووي على صحيح مسلم ج14/ ص 149
    [150] فتح الباري ج11/ص34
    [151] الآداب الشرعية (1/352)
    [152] عون المعبود ج14/ص75
    [153] زاد المعاد 2/411، 412
    [
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 202
    تاريخ التسجيل : 04/03/2012

    افشاء السلام Empty افشاء السلام د. مهران ماهر عثمان

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 31, 2013 10:57 am



    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على المبعوث رحمةً للعالمين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد؛
    فهذه جملة من الأحكام والآداب والتنبيهات التي تتعلق بالسلام، وقد جعلتها في المحاور التالية:

    لماذا اختير هذا اللفظ للتحية؟
    اختير هذا اللّفظ دون غيره لسببين:
    الأول: لأنّ معناه الدعاء بالسلامة من الآفات في الدين والنفس.
    والثاني: لأنّ في تحيّة المسلمين بعضهم لبعض بهذا اللّفظ عهداً بينهم على صيانة دمائهم وأعراضهم وأموالهم.

    الأمر بإفشاء السلام:
    قال الله تعالى :{فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} [النور: 61].
    والذي نص عليه المفسرون في تأويل هذه الآية ثلاثة أمور:
    - أن يسلم الإنسان على أخيه إذا دخل بيته.
    - أن يسلم على أهل بيته إذا دخل عليهم.
    - أن يسلم على عباد الله الصالحين إن كان البيت خالياً كما سيأتي بإذن الله.
    وقال نبي الله صلى الله عليه وسلم :«حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ». قِيلَ: مَا هُنَّ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ :«إِذَا لَقِيتَهُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاكَ فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَكَ فَانْصَحْ لَهُ، وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فشمته، وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ، وَإِذَا مَاتَ فَاتَّبِعْهُ» [رواه البخاري ومسلم].
    وقال :«السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه في الأرض، فأفشوه بينكم؛ فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم» [رواه البزار].
    وعد النبي صلى الله عليه وسلم رد السلام من حق الطريق، قال صلى الله عليه وسلم :«إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ». فَقَالُوا: مَا لَنَا بُدٌّ، إِنَّمَا هِيَ مَجَالِسُنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا؟ قَالَ :«فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلَّا الْمَجَالِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهَا». قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ؟ قَالَ :«غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الْأَذَى، وَرَدُّ السَّلَامِ، وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهْيٌ عَنْ الْمُنْكَرِ» [البخاري ومسلم].

    الترغيب في إفشاء السلام:
    ورغبت النصوص في إفشاء السلام، فهذه التحية اصطفاها الله لنا في الدنيا وفي الآخرة.
    أما في الدنيا فلحديث أبي أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :«خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا، ثُمَّ قَالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ، فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ، تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ. فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ. فَقَالُوا: السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ. فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ» [متفق عليه].
    وأما في الآخرة فلأن السلام تحية الملائكة للمؤمنين في الجنة، قال الله تعالى :{وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد/23، 24]،وقال :{ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ} [الزمر: 73].
    وهو تحية أهل الجنة في الجنة:
    قال الله عز وجل عن أهل الجنة: {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ} [الأحزاب:44]، وقال سبحانه وتعالى: {لاَيَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلا تَأْثِيمًا * إِلاَّ قِيلاً سَلاماً سَلام} [الواقعة:26]، وقال: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ} [إبراهيم:23].

    ولإفشاء السلام ثمرات:
    منها:
    أنه سبب للسلامة من الحقد وسبب لسلامة الصدر:
    فعن البراء رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«أفشوا السلام؛ تسلموا» [ابن حبان].
    وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ألا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم» [رواه مسلم].
    وفي إفشائه أجر كبير :
    ثبت عن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من قال: السلام عليكم كتبت له عشر حسنات، ومن قال: السلام عليكم ورحمة الله كتبت له عشرون، حسنة ومن قال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته كتبت له ثلاثون حسنة» [رواه الطبراني].
    وعن عمران بن الحصين رضي الله عنهقال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم :«عشر». ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فرد فجلس، فقال :«عشرون». ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد فجلس، فقال :«ثلاثون» [ رواه أبو داود والترمذي] .
    وبإفشاء السلام يغتاظ اليهود:
    فعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ :«مَا حَسَدَتْكُمْ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ مَا حَسَدَتْكُمْ عَلَى السَّلَامِ وَالتَّأْمِينِ» [ابن ماجة ]. وإغاظة المشركين مطلب شرعي، قال تعالى : {مَا كَانَ لأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلا إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} [التوبة: 120] .
    ويعلوا المسلمون:
    فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أفشوا السلام؛ كي تعلوا» [رواه الطبراني].
    قال المناوي رحمه الله (2/30):" أي يرتفع شأنكم ؛ فإنكم إذا أفشيتموه تحاببتم فاجتمعت كلمتكم ، فقهرتم عدوكم وعلوتم عليه . وأراد الرفعة عند الله".
    وإفشاء السلام خير الأعمال:
    فعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، أنّ رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الإسلام خير؟ قال: «تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف» [رواه البخاري ومسلم].
    والمعنى: أي خصال الإسلام خير؟
    ورحمة الله تنال بإفشاء السلام:
    عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام» [رواه أبو داود والترمذي]. والمعنى أطوعهم لله كما في رواية أخرى، وقال في عون المعبود:"قال الطيبي: أي أقرب الناس من المتلاقيين إلى رحمة الله من بدأ بالسلام" [14/70].
    وإفشاؤه سبب للبركة الله:
    فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم :«يَا بُنَيَّ، إِذَا دَخَلْتَ عَلَى أَهْلِكَ فَسَلِّمْ ؛ يَكُنْ بَرَكَةً عَلَيْكَ وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِكَ » [الترمذي].
    وسبب لمغفرة الذنوب:
    لقول نبينا صلى الله عليه وسلم :«إن من موجبات المغفرة بذلَ السلام ، وحسن الكلام» [الطبراني] .
    وهو من موجبات الجنة أيضاً:
    ففي حديث عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :«يا أيها الناس، أفشوا السلام ، وأطعموا الطعام ، وصلوا بالليل والناس نيام ؛ تدخلوا الجنة بسلام» [رواه الترمذي].
    وسأل أبو شريح رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : أخبرني بشيء يوجب لي الجنة. قال :«طيب الكلام ، وبذل السلام ، وإطعام الطعام» [رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه] .

    التحذير من عدم البخل بالسلام:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«أعجز الناس من عجز في الدعاء ، وأبخل الناس من بخل بالسلام» [رواه الطبراني في الأوسط].

    حرص الصحابة على هذه السنة :
    مما يبين ذلك هذه الآثار:
    عن الأغر أغر مزينة رضي الله عنه قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر لي بجريب من تمر عند رجل من الأنصار ، فمطلني به ، فكلمت فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :«اغد يا أبا بكر فخذ له تمره». فوعدني أبو بكر المسجد إذا صلينا الصبح ، فوجدته حيث وعدني ، فانطلقنا ، فكلما رأى أبا بكر رجلٌ من بعيد سلم عليه ، فقال أبو بكر رضي الله عنه : أما ترى ما يصيب القوم عليك من الفضل ؟ لا يسبقك إلى السلام أحد . فكنا إذا طلع الرجل من بعيد بادرناه بالسلام قبل أن يسلم علينا [رواه الطبراني في الكبير].
    وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كنا إذا كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتفرق بيننا شجرة ، فإذا التقينا يسلم بعضنا على بعض [رواه الطبراني].
    وفي موطأ مالك أَنَّ الطُّفَيْلَ بْنَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَخْبَرَهُ : أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فَيَغْدُو مَعَهُ إِلَى السُّوقِ ، قَالَ : فَإِذَا غَدَوْنَا إِلَى السُّوقِ لَمْ يَمُرَّ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَلَى سقَّاط وَلَا صَاحِبِ بِيعَةٍ وَلَا مِسْكِينٍ وَلَا أَحَدٍ إِلَّا سَلَّمَ عَلَيْهِ، قَالَ الطُّفَيْلُ : فَجِئْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَوْمًا فَاسْتَتْبَعَنِي إِلَى السُّوقِ ، فَقُلْتُ لَهُ : وَمَا تَصْنَعُ فِي السُّوقِ وَأَنْتَ لَا تَقِفُ عَلَى الْبَيِّعِ وَلَا تَسْأَلُ عَنْ السِّلَعِ وَلَا تَسُومُ بِهَا وَلَا تَجْلِسُ فِي مَجَالِسِ السُّوقِ ؟ قَالَ : وَأَقُولُ اجْلِسْ بِنَا هَاهُنَا نَتَحَدَّثُ ، قَالَ : فَقَالَ لِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ : يَا أَبَا بَطْنٍ -وَكَانَ الطُّفَيْلُ ذَا بَطْنٍ - إِنَّمَا نَغْدُو مِنْ أَجْلِ السَّلَامِ ، نُسَلِّمُ عَلَى مَنْ لَقِيَنَا.

    السلام : آداب وأحكام
    وقد أخذت كثيراً منها من الموسوعة الفقهية الكويتية، فمن هذه الأحكام والآداب:
    1- أن يكون التسليم بصوت مسموع يسمعه اليقظان ولا ينزعج منه النائم، فعند مسلم عن المقداد رضي الله عنه قال: "كنا نرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه من اللبن، فيجيء من الليل فيسلم تسليمًا لا يوقظ نائمًا ويسمع اليقظان".
    2- أن يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والصغير على الكبير، والقليل على الكثير؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي ، وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ ، وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ». وفي لفظ: «والصغير على الكبير».
    ونقل الحافظ ابن حجر عن الْمَازِرِيّ قوله : " لَوْ اِبْتَدَأَ الْمَاشِي فَسَلَّمَ عَلَى الرَّاكِب لَمْ يَمْتَنِع ؛ لأَنَّهُ مُمْتَثِل لِلأَمْرِ بِإِظْهَارِ السَّلام وَإِفْشَائِهِ ، غَيْر أَنَّ مُرَاعَاة مَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيث أَوْلَى ، وَهُوَ خَبَر بِمَعْنَى الأَمْر عَلَى سَبِيل الاسْتِحْبَاب ، وَلا يَلْزَم مِنْ تَرْك الْمُسْتَحَبّ الْكَرَاهَة ، بَلْ يَكُون خِلاف الأَوْلَى ، فَلَوْ تَرَكَ الْمَأْمُور بِالابْتِدَاءِ فَبَدَأَهُ الآخَر كَانَ الْمَأْمُور تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ وَالآخَر فَاعِلا لِلسُّنَّةِ ، إِلا إِنْ بَادَرَ فَيَكُون تَارِكًا لِلْمُسْتَحَبِّ أَيْضًا " انتهى من فتح الباري (11/17) .
    3- أن يعيد إلقاء السلام إذا فارق أخاه ولو يسيرًا لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه» [أبو داود].
    4- أن يسلم على أهل بيته عند الدخول عليهم كما سبق.
    5- عدم الاكتفاء بالإشارة باليد أو الرأس، فإنه مخالف للسنة، إلا إذا كان المسلَّم عليه بعيدًا فإنه يسلم بلسانه ويشير بيده ولا يكتفي بالإشارة.
    جاء عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«ليس منا من تشبه بغيرنا، لا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع، وإن تسليم النصارى بالأكف» [رواه الترمذي].
    وإن أشار بالسلام لبعيد أو أصم فإنه يتلفظ به مع إشارته، وإن لم يسمع قوله؛ مخالفةً لمن أمرنا بمخالفتهم.
    6- السلام في بداية المجلس وعند مفارقته لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم، فإذا أراد أن يقوم فليسلم؛ فليست الأولى بأحق من الآخرة» [أبو داود والترمذي والنسائي].
    وعن معاوية بن قرة عن أبيه رضي الله عنه قال يا بني إذا كنت في مجلس ترجو خيره فعجلت بك حاجة فقل السلام عليكم فإنك شريكهم فيما يصيبون في ذلك المجلس [رواه الطبراني موقوفا].
    وفي المسند عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال :«حق على من قام على جماعة أن يسلم عليهم ، وحق على من قام من مجلس أن يسلم». فقام رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلم فلم يسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما أسرع ما نسي».
    7- أن يسلم على الصبيان إذا لقيهم، فعند مسلم أنه صلى الله عليه وسلم مر على صبيان يلعبون فسلم عليهم.
    وفيه دليل على التواضع والرحمة، كما أن فيه تربية الناشئة على تعاليم الإسلام وغير ذلك من الفوائد.
    8- البشاشة وطلاقة الوجه والمصافحة.
    فعن البراء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يتفرقا» [رواه أبو داود].
    وعن أنس أبن مالك رضي الله عنه قال : كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا ، وإذا قدموا من سفر تعانقوا [رواه الطبراني] .
    وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :«إن المؤمن إذا لقي المؤمن فسلم عليه وأخذ بيده فصافحه تناثرت خطاياهما كما يتناثر ورق الشجر» [رواه الطبراني].
    وعن قتادة رضي الله عنه قال : قلت لأنس بن مالك رضي الله عنه : أكانت المصافحة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال :«نعم» [رواه البخاري].
    وعن أنس بن مالك قال: "كان النبي إذا استقبله الرجل فصافحه لا ينزع يده من يده حتى يكون الرجل الذي ينزع" [رواه الترمذيٍ].
    9- الحرص على السلام بالألفاظ الواردة في السنة، وعدم الزيادة عليها أو النقصان، أو استبدالها بألفاظ أخرى (صباح الخير، أو يعطيكم العافية) والمحذور أن تكون هذه الألفاظ بديلة للسلام، أما إن سلَّم السلام الوارد في السنة ودعا بعد ذلك بما شاء فلا بأس.
    10- ألا يبدأ كافراً بالسلام فإن سلم عليه أحد من أهل الكتاب قال:وعليكم.
    والكلام هنا في جهتين:
    الأولى: أننا لا نسلم على أهل الكتاب، ولكن يجوز لحاجة البدء بغير السلام من التحايا، كطاب صباحكم. فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :«لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام» [رواه مسلم].
    الثانية: إذا سلّم علينا أهل الكتاب، وهنا لا يخلو حالهم معنا من أحد أمور ثلاثة ذكرها الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في الشرح الممتع:
    الأول : أن يقول بلفظ صريح : السام عليكم فيجاب : وعليكم .
    الثاني : أن نشك هل قال : السام أو قال : السلام، فيجاب : وعليكم.
    الثالث : أن يقول بلفظ صريح : السلام عليكم. فيجاب: عليكم السلام؛ لقوله تعالى : {وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوه}.
    فهذه الآية مع قول النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين :«إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم»، يدلان على هذا التفصيل، وإعمال النصوص كلِّها أولى من إهمال بعضها.
    قال ابن القيم رحمه الله :" فلو تحقق السامع أن الذمي قال له: " سلام عليكم " لا شك فيه، فهل له أن يقول: وعليك السلام، أو يقتصر على قوله: " وعليك " ؟ فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليك السلام، فإن هذا من باب العدل، والله يأمر بالعدل والإحسان. وقد قال تعالى: {وإذَا حيَيتُمْ بِتَحية فَحيوا بأحْسنَ مِنهْا أوْ ردوه}، فندب إلى الفضل، وأوجب العدل.
    ولا ينافي هذا شيئاً من أحاديث الباب بوجه ما، فإنه صلى الله عليه وسلم إنما أمر بالاقتصار على قول الراد " وعليكم " بناء على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، وأشار إليه في حديث عائشة رضي اللّه عنها فقال: «ألا ترينني قلتُ: وعليكم، لما قالوا: السامّ عليكم» ؟ ثم قال: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم»، والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نطير المذكور، لا فيما يخالفه. قال تعالى: {وإذَا جاؤوكَ حيوْكَ بما لَمْ يُحيك به الله، وَيَقولُونَ في أنْفُسهِمْ لوْلاَ يُعَذبُنا الله بما نَقُولُ}، فإذا زال هذا اَلسبب وقال الكتابي: سلام عليكم ورحمة اللّه، فالعدل في التحية يقتضي أن يردّ عليه نظير سلامه، وباللّه التوفيق" [أحكام أهل الذمة 1/425].
    11- سلام الرجل على المرأة والعكس:
    ذكر أهل العلم أن الرجل يسلم على المرأة الأجنبية ويرد عليها السلام، وكذا المرأة تسلم على الرجل وترد عليه السلام بشرط أمن الفتنة ، وعدم المصافحة ، وترك الخضوع بالقول، فإذا لم تؤمن الفتنة ترك إلقاء السلام ورده أيضا.
    سُئِلَ الإمام مَالِك هَلْ : يُسَلَّمُ عَلَى الْمَرْأَةِ ؟ فَقَالَ : أَمَّا الْمُتَجَالَّةُ (وهي العجوز) فَلا أَكْرَهُ ذَلِكَ ، وَأَمَّا الشَّابَّةُ فَلا أُحِبُّ ذَلِكَ . وعلَّل الزرقاني في شرحه على الموطأ (4/358) عدم محبة مالك لذلك : بخوف الفتنة بسماع ردها للسلام . وفي الآداب الشرعية (1/ 375) ذكر ابن مفلح أن ابن منصور قال للإمام أحمد : التسليم على النساء ؟ قال: إذا كانت عجوزاً فلا بأس به . وقال صالح -ابن الإمام أحمد- : سألت أبي يُسَلَّمُ على المرأة ؟ قال : أما الكبيرة فلا بأس ، وأما الشابة فلا تستنطق -يعني لا يطلب منها أن تتكلم برد السلام- .
    وإذا كانت النساء جمعاً فيسلم عليهن الرجل . أو كان الرجال جمعاً كثيراً فسلموا على المرأة الواحدة جاز إذا لم يُخَفْ عليه ولا عليهن ولا عليها أو عليهم فتنة . روى أبو داود عن أَسْمَاء ابْنَة يَزِيدَ قالت : مَرَّ عَلَيْنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا .
    12- قال صلى الله عليه وسلم «من بدأكم بالكلام قبل السلام فلا تجيبوه» [الطبراني في الأوسط].
    13- ولا ينبغي أن يحب أحد القيام له عند اللقاء ، فعن معاوية رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :«من أحب أن يتمثل له الرجال قياما فليتبوأ مقعده من النار» [رواه أبو داود].
    14- قال النووي رحمه الله :"إذا سلم على واحد قال سلام عليكم ، أو السلام عليكم بصيغة الجمع ، قالوا: ليتناوله وملكيه" [شرح مسلم 9/225].
    15- وقال رحمه الله :" والأكمل أن يقول وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، فيأتي بالواو ، فلو حذفها جاز وكان تاركا للأفضل ، ولو اقتصر على وعليكم السلام أو على عليكم السلام أجزأه ، ولو اقتصر على عليكم لم يجزه بلا خلاف ، ولو قال وعليكم بالواو ففي إجزائه وجهان لأصحابنا ، قالوا : وإذا قال المبتدى سلام عليكم أو السلام عليكم فقال المجيب مثله سلام عليكم أو السلام عليكم كان جوابا وأجزأه ، قال الله تعالى :{قالوا سلاما قال سلام}، ولكن بالألف واللام أفضل" [شرح النووي على صحيح مسلم 14/141].
    16- ومن كان في صلاة فسُلم عليه رد بالإشارة .
    عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال : خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يصلي فيه، فجاءه الأنصار ، فسلموا عليه وهو يصلي ، قال: فقلت لـبلال: كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ قال: يقول: هكذا - وبسط كفه، وبسط جعفر بن عون كفه راوي الحديث وجعل بطنه أسفل وظهره فوق[رواه أبو داود والترمذي].
    17- إذا دخل بيتا خاليا قال : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، فقد روى البخاري في الأدب المفرد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : إذا دخل البيت غير المسكون فليقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. قال الحافظ : سنده حسن .
    وقال مجاهد : "إذا دخلت المسجد فقل : السلام على رسول الله، وإذا دخلت على أهلك فسلم عليهم ، وإذا دخلت بيتا ليس فيه أحد فقل : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين". [تفسير ابن كثير 3/306].
    18- ثبت عند مسلم أنّ النبي صلى الله عليه وسلم زار المقابر فسلم بقوله :«السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ ، أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ».
    19- ولا يقال عند ابتداء السلام : عليك السلام.
    ففي سنن أبى داود عنْ أَبِي جري الْهُجَيْمِيِّ رضي الله عنه قَالَ : أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ : عَلَيْكَ السَّلَامُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ :«لَا تَقُلْ عَلَيْكَ السَّلَامُ ؛ فَإِنَّ عَلَيْكَ السَّلَامُ تَحِيَّةُ الْمَوْتَى» .
    ويوضح المراد من هذا الحديث ابن القيم رحمه الله في [زاد المعاد 2/383] بقوله :" وقد أشكل هذا الحديث على طائفة ، وظنوه معارضا لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في السلام على الأموات بلفظ «السلام عليكم»، بتقديم السلام ، فظنوا أن قوله : «فإن عليك السلام تحية الموتى» إخبار عن المشروع ، وغلطوا في ذلك غلطا أوجب لهم ظن التعارض ، وإنما معنى قوله : «فإن عليك السلام تحية الموتى» إخبار عن الواقع ، لا المشروع ، أي : إن الشعراء وغيرهم يحيون الموتى بهذه اللفظة كقول قائلهم :
    عليكَ سلامُ الله قيسَ بن عاصمٍ ورحمته ما شاء أن يترحما
    فما كان قيسٌ هُلْـكُه هُلكَ واحدٍ ولكنّه بنيان قومٍ تهدّما".
    20- ومن أرسل رسالة سلم على المرسل إليه فيها ردّ القارئ بعد قراءة السلام : وعليكم السلام.
    21 – ولا يقول : السلام على من اتبع الهدى، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كتبها إلى أهل الكتاب.
    22- وإذا غلب على ظني أن المسلم عليه لن يرد فلا أترك السلام.
    23- ووضع اليد على العاتق عند المقابلة والسلام مما لا حرج فيه.
    24- وإذا سلم على جماعة ورد واحد أجزأ، وإن اشتركوا في ذلك أُجروا.
    25- وإذا قال لك أحد : إن فلاناً يقرأ عليك السلام ، فالسنة أن تقول : عليك وعليه السلام.
    26- ويسلم على الأنبياء إذا ذكرهم كما علمنا ربنا في كتابه، قال تعالى : {سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ} ، وقال: {سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ}، وقال : {سَلَامٌ عَلَى مُوسَى وَهَارُونَ}، وقال : {سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ}، وقال :{ وسلام على عباده الذين اصطفى}.
    وإذا ذُكر نبينا محمدٌ صلى الله عليه وسلم قال : صلى الله عليه وسلم، للآية :{إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمً} [الأحزاب: 56].
    اللهم صل وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 202
    تاريخ التسجيل : 04/03/2012

    افشاء السلام Empty رد: افشاء السلام

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 31, 2013 11:05 am

    سؤالي عن سنة البدء بتحية المسجد عند دخوله قبل السلام على الناس أي البدء بحق الله.

    فقد روي حديث أخرجه البخاري ( 793 ) عن أبي هريرة رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام، فقال : ارجع فصل فإنك لم تصل (ثلاثا) فقال : والذي بعثك بالحق فما أحسن غيره فعلمني. فقال الإمام ابن القيم : (فأنكر عليه صلاته، ولم ينكر عليه تأخير السلام عليه صلى الله عليه وسلم إلى بعد الصلاة. فسؤالي هنا: هل عندما أخرج من البيت ذاهباً إلى المسجد لا أسلم على أحد ؟ أم أن الحديث يعمل به عند دخولي للمسجد ؟ أفيدونا بارك الله فيكم.

    الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
    فإنه لا حرج على الذاهب إلى الصلاة في إلقاء السلام على من لقيه في الطريق، بل يستحب له ذلك؛ لأنه من إفشاء السلام. ففي سنن أبي داود عن أبي هريرة قال: إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه. صححه الألباني.

    وما ذكر من تقديم تحية المسجد على السلام على الحاضرين محله إذا دخل المسجد، فإنه يقدمها على السلام على الحاضرين؛ لأن تحية المسجد حق الله تعالى ، والسلام على الخلق حق لهم.

    قال ابن القيم رحمه الله تعالى: ومن هديه صلى الله عليه وسلم أن الداخل إلى المسجد يبتدىء بركعتين تحية المسجد، ثم يجيء فيسلم على القوم، فتكون تحية المسجد قبل تحية أهله، فإن تلك حق الله تعالى، والسلام على الخلق هو حق لهم ، وحق الله في مثل هذا أحق بالتقديم، .قال: وكانت عادة القوم معه هكذا، يدخل أحدهم المسجد ، فيصلي ركعتين ، ثم يجيء، فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم. وعلى هذا، فيسن لداخل المسجد إذا كان فيه جماعة أن يقول عند دخوله : بسم الله والصلاة على رسول الله، ثم يصلي ركعتين تحية المسجد، ثم يسلم على القوم .انتهى بحذف قليل.

    وما ذهب إليه ابن القيم من تقديم تحية المسجد على السلام على من في المسجد بإطلاق محل نظر عند ابن رجب إذ يقول في فتح الباري عند ذكر حديث المسيء في صلاته: استدل بعضهم بهذا الحديث على أن من دخل المسجد وفيه قوم جلوس، فإنه يبدأ فيصلي تحية المسجد، ثم يسلم على من فيه، فيبدأ بتحية المسجد قبل تحية الناس. وفي هذا نظر، وهذه واقعة عين، فيحتمل أنه لما دخل المسجد صلى في مؤخره قريباً من الباب ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - في صدر المسجد، فلم يكن قد مر عليهم قبل صلاته، أو أنه لما دخل المسجد مشى إلى قريبٍ من قبلة المسجد، بالبعد من الجالسين في المسجد، فصلى فيه، ثم انصرف إلى الناس. يدل على ذلك: أنه روي في هذا الحديث: أن رجلاً دخل المسجد ، فصلى، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ناحية المسجد ، فجاء فسلم - وذكر الحديث -. خرَّجه ابن ماجه .فأما من دخل المسجد فمر على قوم فيه ، فإنه يسلم عليهم ثم يصلى. انتهى

    ثم إن هذا كله مستحب، وليس فيه شيء واجب، فإذا قدم هذا أو ذك فلا شيء عليه.

    وانظر الفتوى رقم: 42715.

    والله أعلم.
    avatar
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 202
    تاريخ التسجيل : 04/03/2012

    افشاء السلام Empty رد: افشاء السلام

    مُساهمة  Admin السبت أغسطس 31, 2013 11:09 am

    قال الإمام النووي : أَمَّا مَعْنَى السَّلَام فَقِيلَ : هُوَ اِسْم اللَّه تَعَالَى، فَقَوْله : السَّلَام عَلَيْك أَيْ اِسْم السَّلَام عَلَيْك، وَمَعْنَاهُ اِسْم اللَّه عَلَيْك أَيْ أَنْتَ فِي حِفْظه كَمَا يُقَال : اللَّه مَعَك، وَاللَّه يَصْحَبك. وَقِيلَ : السَّلَام بِمَعْنَى السَّلَامَة، أَيْ السَّلَامَة مُلَازِمَة لَك. ( مسلم بشرح النووي جـ7 صـ395)

    بسم الله الرحمن الرحيم

    السلام أحكامٌ وآدابٌ

    المقدمة

    الحمد لله الذي جعلنا من خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر وتؤمن بالله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد الذي بعثه ربه هادياً ومبشراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، أما بعد : فإن السلام هو تحية الإسلام الخالدة، من أجل ذلك قُمت بإعداد هذه الرسالة الموجزة و التي قد تناولت فيها الحديث عن الأحكام الفقهية الخاصة بإفشاء السلام والرد عليه.

    أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يتقبل منى هذا العمل وأن ينفع به طلاب العلم في كل مكان، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

    صلاح نجيب الدق

    بلبيس – مسجد التوحيد



    معنى السَّلام :

    قال الإمام النووي : أَمَّا مَعْنَى السَّلَام فَقِيلَ : هُوَ اِسْم اللَّه تَعَالَى، فَقَوْله : السَّلَام عَلَيْك أَيْ اِسْم السَّلَام عَلَيْك، وَمَعْنَاهُ اِسْم اللَّه عَلَيْك أَيْ أَنْتَ فِي حِفْظه كَمَا يُقَال : اللَّه مَعَك، وَاللَّه يَصْحَبك. وَقِيلَ : السَّلَام بِمَعْنَى السَّلَامَة، أَيْ السَّلَامَة مُلَازِمَة لَك. ( مسلم بشرح النووي جـ7 صـ395)

    السَّلام من أسماء الله الحسنى :

    قال الله تعالى : ( هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الحشر:23)

    روى البخاري في الأدب المفرد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : « إن السلام اسم من أسماء الله تعالى، وضعه الله في الأرض، فأفشوا السلام بينكم »

    ( حديث حسن ) ( صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 1019 )

    روى البخاري في الأدب المفرد عن عبد الله بن مسعود قال : إن السلام اسم من أسماء الله، وضعه الله في الأرض، فأفشوه بينكم، إن الرجل إذا سلم على القوم فردوا عليه كانت له عليهم فضل درجة، لأنه ذكرهم السلام، وإن لم يرد عليه رد عليه من هو خير منه وأطيب ( يعنى الملائكة ). ( حديث صحيح ) ( صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 793 )

    السلام تحية رضيها الله لعباده :

    روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ وَطُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا ثُمَّ قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ مِنْ الْمَلَائِكَةِ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَزَادُوهُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَكُلُّ مَنْ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ آدَمَ فَلَمْ يَزَلْ الْخَلْقُ يَنْقُصُ حَتَّى الْآنَ. ( البخاري حديث 6227 / مسلم حديث 2841 )

    السلام تحية أهل الجنة :

    قال الله تعالى : ( جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ) (الرعد:23 : 24)

    وقال سبحانه : ( دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلامٌ وَآخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (يونس:10)

    وقال جل شأنه : ( تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً) (الأحزاب:44)

    وقال سبحانه : ( لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلا تَأْثِيماً* إلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً) (الواقعة : 25 : 26)

    اليهود يحسدون المسلمين على السلام :

    روى أحمد عن عائشة أن النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال : ما حسدتكم اليهود على شيء ما حسدتكم على السلام و التأمين.( حديث صحيح ) ( صحيح الجامع للألباني حديث 5613 )

    السلام من حقوق المسلم على أخيه :

    روى الشيخان عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ خَمْسٌ رَدُّ السَّلَامِ وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ وَاتِّبَاعُ الْجَنَائِزِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ. ( البخاري حديث 1240 / مسلم حديث 2162 )

    فضل إفشاء السلام :

    روى أبو داود عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَرَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ ثُمَّ جَلَسَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَشْرٌ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ فَقَالَ عِشْرُونَ ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ فَرَدَّ عَلَيْهِ فَجَلَسَ فَقَالَ ثَلَاثُونَ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث 4327 )

    تأمل أخي الكريم في هذا الثواب العظيم من رب كريم وكم تكون حسناتنا لو اتبعنا هدي النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) عند تحية إخواننا المسلمين. عجباً لكثير من الذين استبدلوا السلام بتحية ما أنزل الله بها من سلطان ولا شرعها النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لأمته، متبعين في ذلك غير المسلمين !

    روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى تُؤْمِنُوا وَلَا تُؤْمِنُوا حَتَّى تَحَابُّوا أَوَلَا أَدُلُّكُمْ عَلَى شَيْءٍ إِذَا فَعَلْتُمُوهُ تَحَابَبْتُمْ أَفْشُوا السَّلَامَ بَيْنَكُمْ. (مسلم حديث 54 )

    قال الإمام النووي :

    قَوْله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : ( لَا تَدْخُلُونَ الْجَنَّة حَتَّى تُؤْمِنُوا ) معناه لَا يَكْمُل إِيمَانُكُمْ ولا يصلح حالكم إِلَّا بِالتَّحَابِّ وَأَمَّا قَوْله : ( أَفْشُوا السَّلَام بَيْنكُمْ ) فَهُوَ بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ الْمَفْتُوحَةِ. وَفِيهِ الْحَثُّ الْعَظِيمُ عَلَى إِفْشَاء السَّلَام وَبَذْله لِلْمُسْلِمِينَ كُلِّهِمْ ؛ مَنْ عَرَفْت، وَمَنْ لَمْ تَعْرِف، كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيث الْآخَر. وَالسَّلَامُ أَوَّل أَسْبَاب التَّآلُّفِ، وَمِفْتَاح اِسْتِجْلَاب الْمَوَدَّة. وَفِي إِفْشَائِهِ تَمَكَّنُ أُلْفَة الْمُسْلِمِينَ بَعْضهمْ لِبَعْضِ، وَإِظْهَار شِعَارهمْ الْمُمَيِّز لَهُمْ مِنْ غَيْرهمْ مِنْ أَهْل الْمِلَل، مَعَ مَا فِيهِ مِنْ رِيَاضَة النَّفْس، وَلُزُوم التَّوَاضُع، وَإِعْظَام حُرُمَات الْمُسْلِمِينَ. ( مسلم بشرح النووي جـ1 صـ312 )

    روى الترمذي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ أن رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ أَفْشُوا السَّلَامَ وَأَطْعِمُوا الطَّعَامَ وَصَلُّوا وَالنَّاسُ نِيَامٌ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ بِسَلَامٍ. ( حديث صحيح ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2019 )

    قَالَ أبو بكر بْن الْعَرَبِيّ :

    مِنْ فَوَائِد إِفْشَاء السَّلَام حُصُول الْمَحَبَّة بَيْنَ الْمُتَسَالِمَيْنِ، وَكَانَ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ اِئْتِلَاف الْكَلِمَة لِتَعُمّ الْمَصْلَحَة بِوُقُوعِ الْمُعَاوَنَة عَلَى إِقَامَة شَرَائِع الدِّين وَإِخْزَاء الْكَافِرِينَ، وَهِيَ كَلِمَة إِذَا سُمِعَتْ أَخْلَصَتْ الْقَلْب الْوَاعِي لَهَا عَنْ النُّفُور إِلَى الْإِقْبَال عَلَى قَائِلهَا.(فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ11صـ21)

    إفشاء السلام من أسباب المودة بين المسلمين :

    قَالَ الْقَاضِي عياض:

    وَالْأُلْفَة إِحْدَى فَرَائِض الدِّينِ وَأَرْكَان الشَّرِيعَة وَنِظَام شَمْل الْإِسْلَام. (مسلم بشرح النووي جـ1صـ286)

    روى أبو داود عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- : إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ (حديث صحيح)(صحيح أبي داود للألباني حديث 4328)

    روى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:إِذَا لَقِيَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ فَإِنْ حَالَتْ بَيْنَهُمَا شَجَرَةٌ أَوْ جِدَارٌ أَوْ حَجَرٌ ثُمَّ لَقِيَهُ فَلْيُسَلِّمْ عَلَيْهِ أَيْضًا. (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث4331)

    قال النووي :

    إذا سلَّم عليك إنسان ثم لقيته عن قرب، يسن لك أن تسلم عليه ثانياً وثالثاً وأكثر. ( الأذكار للنووي صـ314 )

    روى البخاري في الأدب المفرد عن عمر بن الخطاب قال : كنت رديف أبي بكر، فيمر على القوم فيقول : السلام عليكم، فيقولون : السلام عليكم ورحمة الله، ويقول : السلام عليكم ورحمة الله، فيقولون : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال أبو بكر : فضلنا الناس اليوم بزيادة كثيرة. (حديث صحيح)(صحيح الأدب المفرد للبخاري للألباني حديث حديث:758)

    روى البخاري في الأدب المفرد عن الطُفيل بن أُبي بن كعب أنه كان يأتي عبد الله بن عمر فيغدو معه إلى السوق، قال : فإذا غدونا إلى السوق لم يمر عبد الله بن عمر على سقاط ، ولا صاحب بيعة، ولا مسكين، ولا أحد إلا يسلم عليه. قال الطُّفَيْلُ : فجئت عبد الله بن عمر يوماً، فاستتبعني إلى السوق، فقلت : ما تصنع بالسوق وأنت لا تقف على البيع، ولا تسأل عن السلع، ولا تسوم بها، ولا تجلس في مجالس السوق ؟

    فاجلس بنا هاهنا نتحدث، فقال لي عبد الله : يا أبا بطن، وكان الطفيل ذا بطن، إنما نغدو من أجل السلام، نسلم على من لقينا. (حديث صحيح)(صحيح الأدب المفرد للبخاري للألباني حديث:406)

    حكم السلام ورده :

    قال الله تعالى : ( وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً) (النساء:86 )

    هذه الآية المباركة دليل على أن رد السلام فرض على كل مسلم بالغ عاقل قادر على رد السلام.

    قال ابن كثير :

    قوله تعالى : { وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا } أي: إذا سلم عليكم المسلم، فردوا عليه أفضل مما سلم، أو ردوا عليه بمثل ما سلم به فالزيادة مندوبة، والمماثلة مفروضة. ( تفسير ابن كثير جـ1 صـ544 )

    روى البخاري عن الحسن قال : التسليم تطوع، والرد فريضة. ( حديث صحيح ) ( صحيح الأدب المفرد للألباني حديث: 794 )

    قال ابن كثير :

    تعليقاً على كلام الحسن البصري هذا الذي قاله هو قول العلماء قاطبة: أن الرد واجب على من سلم عليه، فيأثم إن لم يفعل؛ لأنه خالف أمر الله في قوله: { فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا }.

    ( تفسير القرآن العظيم لابن كثير جـ1 صـ545 )

    وقال القرطبي :

    أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سُّنَّة مُرَغَبٌ فيها، ورده فريضةٌ، لقوله تعالى: (فحيوا بأحسن منها أو ردوها). ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ5 صـ298 )

    حكم رد الواحد السلام عن الجماعة :

    روى أبو داود عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ يُجْزِئُ عَنْ الْجَمَاعَةِ إِذَا مَرُّوا أَنْ يُسَلِّمَ أَحَدُهُمْ وَيُجْزِئُ عَنْ الْجُلُوسِ أَنْ يَرُدَّ أَحَدُهُمْ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث:4342 )

    قال الإمام النووي :

    اِبْتِدَاء السَّلَام سُنَّة، وَرَدّه وَاجِب، فَإِنْ كَانَ الْمُسْلِم جَمَاعَة فَهُوَ سُنَّة كِفَايَة فِي حَقّهمْ، إِذَا سَلَّمَ بَعْضهمْ حَصَلَتْ سُنَّة السَّلَام فِي حَقّ جَمِيعهمْ، فَإِنْ كَانَ الْمُسْلِم عَلَيْهِ وَاحِدًا تَعَيَّنَ عَلَيْهِ الرَّدّ، وَإِنْ كَانُوا جَمَاعَة كَانَ الرَّدّ فَرْض كِفَايَة فِي حَقّهمْ، فَإِذَا رَدّ وَاحِد مِنْهُمْ سَقَطَ الْحَرَج عَنْ الْبَاقِينَ، وَالْأَفْضَل أَنْ يَبْتَدِئ الْجَمِيع بِالسَّلَامِ، وَأَنْ يَرُدّ الْجَمِيع. ( مسلم بشرح النووي جـ7 صـ394 )

    قال القرطبي :

    يرد الواحد عن الجماعة وينوب عن الباقين كفروض الكفاية. ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ5 صـ299 )

    حكم رد الأطفال السلام نيابة عن المكلفين :

    إذا سلم مسلمٌ بالغ عاقل على جماعة فيهم صبي، فرد الصبي ولم يرد السلام إلا هذا الصبي لا يسقط، لأنه ليس أهلا للفرض، والرد فرض فلم يسقط به. ( الأذكار للنووي صـ314 )

    حكم رد السلام على الأطفال :

    إذا سلم طفل على رجل، وجب على الرجل رد السلام لقول الله تعالى : (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا)(النساء: 86) (الأذكار للنووي صـ313 : صـ314 )

    صفة السلام ورده :

    الأفضل أن يقول المسلم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فيأتي بضمير الجمع وإن كان المسَلَّم عليه واحداً، ويقول المجيب : وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته، ويأتي بواو العطف في قوله : ( وعليكم ) فإن قال المبتدئ بالتسليم : السلام عليكم، أو قال : السلام عليك أو سلام عليك، حصل السلام بهذه الألفاظ، أما الجواب فأقله : وعليك السلام أو عليكم السلام، وأما إذا قال : عليكم، لم يكن هذا جوابا ً.

    ويشترط أن يكون الجواب على الفور، فإن أخره ثم رد لم يعد جوابا، وكان آثما بترك الرد.

    ( الأذكار للنووي صـ308 : صـ310 )

    فائدة هامة :

    إذا لقي المسلم أخاه، فقال المبتدئ " وعليكم السلام ": لا يكون ذلك سلاماً، فلا يستحق جواباً، لأن هذه الصيغة لا تصلح للابتداء. ( الأذكار للنووي صـ315 )

    حكم الإشارة بالسلام بلا لفظ :

    تُكْرَهُ الإشارة بالسلام، سواء كان ذلك باليد وغيرها بدون التلفظ بالسلام لأن ذلك تشبه بغير المسلمين، وقد نهانا النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أن نتشبه بهم.

    روى الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ العاص أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَشَبَّهَ بِغَيْرِنَا لَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ وَلَا بِالنَّصَارَى فَإِنَّ تَسْلِيمَ الْيَهُودِ الْإِشَارَةُ بِالْأَصَابِعِ وَتَسْلِيمَ النَّصَارَى الْإِشَارَةُ بِالْأَكُفِّ. ( حديث حسن ) ( صحيح الترمذي للألباني حديث 2168 )

    وأما مَن كان بعيداً، بحيث لا يَسمعُ التسليم، فإنه يجوز السلام عليه إشارة ويتلفظ مع ذلك بالسلام. ( فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ11 صـ21 )

    حكم السلام على المعارف فقط :

    اعتاد كثيرٌ من المسلمين على إلقاء السلام على المعارف فقط، وهذا مخالفٌ لسُّنَّةِ نبينا(صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الذي حثنا على إلقاء السلام على مَن نعرفه ومَن لا نعرفه مِن المسلمين.

    روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَيُّ الْإِسْلَامِ خَيْرٌ قَالَ تُطْعِمُ الطَّعَامَ وَتَقْرَأُ السَّلَامَ عَلَى مَنْ عَرَفْتَ وَمَنْ لَمْ تَعْرِفْ. (البخاري حديث 6236 / مسلم حديث 39 )

    قال النووي :

    قوله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ( تَقْرَأ السَّلَام عَلَى مَنْ عَرَفْت وَمَنْ لَمْ تَعْرِف ) أَيْ تُسَلِّم عَلَى كُلّ مَنْ لَقِيته، عَرَفْته أَمْ لَمْ تَعْرِفهُ. وَلَا تَخُصّ بِهِ مَنْ تَعْرِفهُ كَمَا يَفْعَلهُ كَثِيرٌ مِنْ النَّاس. ( مسلم بشرح النوي جـ1 صـ286 )

    وقال النووي أيضاً:

    هذا الحديث فِيهِ دليلٌ على بَذْلِ السَّلَام على مَنْ عَرَفْت وَلِمَنْ لَمْ تَعْرِف وَإِخْلَاص الْعَمَل فِيهِ لِلَّهِ تَعَالَى لَا مُصَانَعَة وَلَا مَلَقًا وَفِيهِ مَعَ ذَلِكَ اِسْتِعْمَال خُلُق التَّوَاضُع وَإِفْشَاء شِعَار هَذِهِ الْأُمَّة. ( مسلم بشرح النووي جـ1 صـ286 )

    حكم تبليغ السلام :

    يُسنُ تبليغ السلام للآخرين من المسلمين، فقد كانت النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يسلم بنفسه على من يواجهه، ويُحمل السلام لمن يريد أن يسلم عليه من الغائبين.

    روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلَامَ مِنْ رَبِّهَا وَمِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لَا صَخَبَ فِيهِ وَلَا نَصَبَ. (البخاري حديث 3820 / مسلم حديث 2432 )

    روى البخاري عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَوْمًا يَا عَائِشَ هَذَا جِبْرِيلُ يُقْرِئُكِ السَّلَامَ فَقُلْتُ وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ. ( البخاري حديث 3768 )

    روى مسلم عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ فَتًى مِنْ أَسْلَمَ قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أُرِيدُ الْغَزْوَ وَلَيْسَ مَعِي مَا أَتَجَهَّزُ قَالَ ائْتِ فُلَانًا فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ تَجَهَّزَ فَمَرِضَ فَأَتَاهُ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُقْرِئُكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ أَعْطِنِي الَّذِي تَجَهَّزْتَ بِهِ قَالَ يَا فُلَانَةُ أَعْطِيهِ الَّذِي تَجَهَّزْتُ بِهِ وَلَا تَحْبِسِي عَنْهُ شَيْئًا فَوَاللَّهِ لَا تَحْبِسِي مِنْهُ شَيْئًا فَيُبَارَكَ لَكِ فِيهِ. ( مسلم حديث 1894 )

    فائدة هامة :

    إذا بعث المسلم إلي آخر سلاماً، فقال الرسول : فلان يسلم عليك، وجب على المرسَل إليه السلام أن يجيب، فقد قدمنا أنه يجيب على الفور، ويُستحبُ أن يرد على المبلغ أيضاً، فيقول : وعليك وعليه السلام.( الأذكار للنووي صـ312 : صـ313 )

    تبليغ السلام أمانة :

    روى عبد الرزاق عن مَعْمَر عن أيوب عن أبي قِلابة أن رجلاً أتى سلمانَ الفارسي فوجده يعجن، فقال : أين الخادم ؟ فقال : أرسلته في حاجة، فلم يكن لنجمع عليه اثنتين، أن نرسله ولا نكفيه عمله، قال : فقال الرجل : إن أبا الدرداء يقول : عليك السلام، قال : متى قدمت ؟ قال : منذ ثلاث، قال : أما إنك لو لم تؤدها كانت أمانة عندك. ( إسناده صحيح ) ( مصنف عبد الرزاق جـ10 صـ393 رقم 19464 )

    آداب السلام :

    إن لإلقاء السلام آداب سامية ينبغي على كل مسلم أن يعرفها ومنها أن يسلم الراكب على الماشي، ويسلم الماشي على الجالس، ويسلم الصغير على الكبير، ويسلم القليل على الكثير، واتباع سنة نبينا (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) في ألفاظ السلام والرد عليه.

    روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أن رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ يُسَلِّمُ الرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي وَالْمَاشِي عَلَى الْقَاعِدِ وَالْقَلِيلُ عَلَى الْكَثِيرِ. ( البخاري حديث 6232 / مسلم حديث 2160 )

    وروى البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ. ( البخاري حديث 6231 )

    حكم رفع الصوت بالسلام :

    إفشاء السلام معناه : إظهار السلام.

    روى البخاري عن ثابت بن عبيد قال : أتيت مجلسا فيه عبد الله بن عمر، فقال : إذا سلمت فأسمع، فإنها تحية من عند الله مباركة طيبة. ( إسناده صحيح ) ( صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 769 )

    قَالَ النَّوَوِيّ :

    وأَقَلُّهُ أَنْ يَرْفَع صَوْته بِحَيْثُ يُسْمِع الْمُسَلَّم عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يُسْمِعهُ لَمْ يَكُنْ آتِيًا بِالسُّنَّةِ.

    وقال ابن حجر العسقلاني :

    وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَرْفَع صَوْته بِقَدْرِ مَا يَتَحَقَّق أَنَّهُ سَمِعَهُ، فَإِنْ شَكَّ اِسْتَظْهَرَ. وَيُسْتَثْنَى مِنْ رَفْع الصَّوْت بِالسَّلَامِ مَا إِذَا دَخَلَ عَلَى مَكَان فِيهِ أَيْقَاظ وَنِيَام فَالسُّنَّة فِيهِ مَا ثَبَتَ فِي صَحِيح مُسْلِم عَنْ الْمِقْدَاد قَالَ " كَانَ النَّبِيّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَجِيء مِنْ اللَّيْل فَيُسَلِّم تَسْلِيمًا لَا يُوقِظ نَائِمًا وَيُسْمِع الْيَقْظَان " ( فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ11 صـ20 ) ( مسلم حديث 2055)

    حكم السلام على الأطفال :

    من السنة إلقاء السلام على الأطفال لأن ذلك يغرس في نفوسهم شعار الإسلام منذ الصغر فيعتادوا على ذلك في باقي حياتهم.

    روى الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ مَالِكِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ على غلمان فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. ( البخاري حديث 6247 / مسلم حديث 2168 )

    قال القرطبي :

    تعليقاً على تسليم النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) على الأطفال هذا من خُلُقه العظيم -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ، وفيه تدريب للصغير وحض على تعليم السنن ورياضة لهم على آداب الشريعة فيه، فلتقتد. ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ5 صـ302 )

    حكم السلام على عند الاستئذان :

    من السنة أن يبدأ المسلم بإلقاء بالسلام قبل أن يستأذن على أخيه المسلم.

    روى أبو داود عَنْ عُمَرَ بن الخطاب أَنَّهُ أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَيَدْخُلُ عُمَرُ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث:4333 )

    روى أبو داود عَنْ رِبْعِيٍّ قَالَ حَدَّثَنَا رَجُلٌ مَنْ بَنِي عَامِرٍ أَنَّهُ اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ فِي بَيْتٍ فَقَالَ أَلِجُ فَقَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لِخَادِمِهِ اخْرُجْ إِلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الِاسْتِئْذَانَ فَقُلْ لَهُ قُلْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ فَسَمِعَهُ الرَّجُلُ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَدَخَلَ. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث:4312 )

    روى البخاري في الأدب المفرد عن أبي هريرة فيمن يستأذن قبل أن يسلم قال : لا يؤذن له حتى يُسلم. ( إسناده صحيح ) ( صحيح الأدب المفرد للألباني حديث:813 )

    قال النووي :

    الصَّحِيح الَّذِي جَاءَتْ بِهِ السُّنَّة، وَقَالَهُ الْمُحَقِّقُونَ، أَنَّهُ يُقَدِّم السَّلَام على الِاسْتِئْذَان، فَيَقُول : السَّلَام عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ ؟ ( مسلم بشرح النووي جـ7 صـ388 )

    حكم السلام عند مغادرة المجلس :

    إذا كان المسلم جالساً مع إخوانه ثم قام ليفارقهم، فالسُّنة أن يسلم عليهم.

    روى أبو داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا انْتَهَى أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَجْلِسِ فَلْيُسَلِّمْ فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ فَلْيُسَلِّمْ فَلَيْسَتْ الْأُولَى بِأَحَقَّ مِنْ الْآخِرَةِ. ( حديث حسن صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث:4340 )

    حكم الصلاة على المصلي :

    لا يُسلِّم أحدٌ على المصلي فإن سَلَّمَ عليه أحدٌ فهو بالخيار إن شاء رد بالإشارة بإصبعه وإن شاء أمسك حتى يفرغ من الصلاة ثم يرد السلام.

    ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ5 صـ304 )

    روى مسلمٌ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ قَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بَعَثَنِي لِحَاجَةٍ ثُمَّ أَدْرَكْتُهُ وَهُوَ يَسِيرُ قَالَ قُتَيْبَةُ يُصَلِّي فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ فَأَشَارَ إِلَيَّ فَلَمَّا فَرَغَ دَعَانِي فَقَالَ إِنَّكَ سَلَّمْتَ آنِفًا وَأَنَا أُصَلِّي وَهُوَ مُوَجِّهٌ ( أي وجهه وراحلته ) حِينَئِذٍ قِبَلَ الْمَشْرِقِ. ( مسلم حديث 540 )

    قال الإمام النووي :

    في هَذا الحديث فَوَائِد مِنْهَا : تَحْرِيم رَدِّ السَّلَام فِيهَا بِاللَّفْظِ، وَأَنَّهُ لَا تَضُرّ الْإِشَارَة بَلْ يُسْتَحَبّ رَدُّ السَّلَام بِالْإِشَارَةِ. ( مسلم بشرح النووي جـ3 صـ131 )

    وَقَالَ عُمَر بْن عَبْد الْعَزِيز وَمَالِك وَأَصْحَابه وَجَمَاعَة : يَرُدّ إِشَارَة وَلَا يَرُدّ نُطْقًا. ( مسلم بشرح النووي جـ3 صـ132 )

    صفة الرد بالإشارة أثناء الصلاة :

    روى أبو داود عن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِلَى قُبَاءَ يُصَلِّي فِيهِ قَالَ فَجَاءَتْهُ الْأَنْصَارُ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي قَالَ فَقُلْتُ لِبِلَالٍ كَيْفَ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَرُدُّ عَلَيْهِمْ حِينَ كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ وَهُوَ يُصَلِّي قَالَ يَقُولُ هَكَذَا وَبَسَطَ كَفَّهُ وَبَسَطَ جَعْفَرُ بْنُ عَوْنٍ كَفَّهُ وَجَعَلَ بَطْنَهُ أَسْفَلَ وَجَعَلَ ظَهْرَهُ إِلَى فَوْقٍ. ( حديث حسن صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث: 820 )

    حكم السلام على من يقرأ القرآن :

    يكره إلقاء السلام على من يقرأ القرآن أو من هو مشغول بالدعاء أو التلبية في الحج أو العمرة، ولكن إذا سلم عليه أحد، وجب عليه رد السلام. ( الأذكار للنووي صـ31 )

    حكم السلام على المؤذن أثناء الأذان :

    يكره إلقاء السلام على المؤذن أثناء أذانه، ولكن لو سلم عليه أحد وجب عليه رد السلام بلفظه المعتاد، لأن ذلك يسير لا يبطل الأذان ولا يخل به. ( الأذكار للنووي صـ318 )

    حكم السلام والرد عليه أثناء خطبة الجمعة :

    يُسنُ لمن دخل المسجد والإمام يخطب أن يصلي ركعتين تحية المسجد وليتجوز فيهما ثم يجلس وينصت للإمام ولا يلقى السلام على أحد من المصلين، وإذا ألقى عليه أحدٌ السلام، لا يرد بالقول ولكن يشير بيده فقط، وإذا عطس أحدٌ فلا يشمته. ( المغني لابن قدامة جـ3 صـ198 : صـ199 ) ( فتاوى اللجنة الدائمة جـ8 صـ242 : صـ246 )

    حكم السلام على الأموات :

    من السُّنة أن يسلم المسلم على الأموات عند زيارة المقابر ويدعوا لهم بالرحمة.

    روى مسلم عَنْ بُرَيْدَةَ ِ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعَلِّمُهُمْ إِذَا خَرَجُوا إِلَى الْمَقَابِرِ فَكَانَ قَائِلُهُمْ يَقُولُ فِي رِوَايَةِ أَبِي بَكْرٍ السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ وَفِي رِوَايَةِ زُهَيْرٍ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَلَاحِقُونَ أَسْأَلُ اللَّهَ لَنَا وَلَكُمْ الْعَافِيَةَ. (مسلم حديث 975 )

    روى مسلمٌ عن عَائِشَةَ أنها قَالَتْ كَيْفَ أَقُولُ لَهُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ قُولِي السَّلَامُ عَلَى أَهْلِ الدِّيَارِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ اللَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَأْخِرِينَ وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَلَاحِقُونَ. ( مسلم حديث 974 )

    حكم السلام على من في الحمام :

    لا يجوز إلقاء السلام على مَن بداخل الحمام، ويحرم على الموجود داخله رد السلام.

    روى مسلمٌ عَنْ ابْنِ عمر أن رجلاً مَرَّ على النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَبُولُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَلَمْ يَرُدَّ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَلَيْهِ حَتَّى أَقْبَلَ عَلَى الْجِدَارِ فَمَسَحَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ السَّلَامَ. ( مسلم حديث 370 )

    قال القرطبي :

    لا ينبغي أن يسلم على من يقضي حاجته فإن فعل لم يلزمه أن يرد عليه. ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ5 صـ304 )

    حكم سلام ورد من لا يسمع :

    إذا سَلَّمَ المسلمُ على مسلم أصم لا يسمع، فينبغي أن يتلفظ بلفظ السلام لقدرته عليه، ويشير باليد حتى يحصل الإفهام ويستحق الجواب، فلو لم يجمع بينهما لا يستحق الجواب.

    وكذلك لو سَلَّم عليه أصم وأراد الرد، وجب عليه أن يتلفظ باللسان، ويشير بيده ليحصل به الإفهام، ويسقط عنه فرض الجواب. ( الأذكار للنووي صـ313 )

    حكم سلام الأخرس :

    إذا سلم أحدنا على أخرس فأشار الأخرس باليد، سقط عنه الفرض، لأن إشارته قائمة مقام العبارة، وكذلك لو سلم علينا أخرس بالإشارة وجب علينا الرد باللفظ. ( الأذكار للنووي صـ313 )

    حكم السلام على الفاسق والمبتدع :

    أولاً يجب علينا أن ننصح الفاسق أو المبتدع بالحكمة والموعظة الحسنة مع ذكر الأدلة الشرعية من كتاب الله تعالى وسنة رسوله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وأن نسلك جميع السبل الممكنة في نصحه مع التحلي بالصبر، فإذا لم يتوقف الفاسق عن فسقه والمبتدع عن بدعته فإننا لا نسلم عليه زجراً له ولأمثاله ولكن إذا سلم علينا وجب علينا رد السلام.

    روى البخاري عن الحسن البصري قال : ليس بينك وبين الفاسق حرمة. ( صحيح الإسناد ) (صحيح الأدب المفرد للألباني رقم 777 )

    قال النووي :

    يُسْتَحَبُ هِجْرَان أَهْل الْبِدَع وَالْمَعَاصِي الظَّاهِرَة، وَتَرْك السَّلَام عَلَيْهِمْ، وَمُقَاطَعَتهمْ تَحْقِيرًا لَهُمْ وَزَجْرًا.( مسلم بشرح النووي جـ9 صـ113 )

    حكم السلام على النساء من غير المحارم :

    يجوز إلقاء السلام على النساء من غير المحارم بشرط ألا يترتب على ذلك فتنة، فإذا ترتبت فتنةٌ حَرُمَ إلقاء السلام عليهن .

    روى البخاري عن سهل بن سعد أنهم كانوا يصلون الجمعة ثم يأتون إلي عجوز في طريقهم فيسلمون عليها. ( البخاري حديث 225 )

    روى أبو داود عن أَسْمَاءُ ابْنَةُ يَزِيدَ قالت : مَرَّ عَلَيْنَا النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي نِسْوَةٍ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا. ( حديث صحيح ) ( صحيح أبي داود للألباني حديث:4336 )

    روى البخاري عن الحسن البصري قال : كن النساء يسلمن على الرجال.

    ( حديث حسن ) ( صحيح الأدب المفرد للألباني حديث 779 )

    روى عبد الرزاق عن معمر عن قتادة قال : أما امرأة من القواعد، فلا بأس أن يسلم عليها، وأما الشابة فلا.( إسناده صحيح ) ( مصنف عبد الرزاق جـ10 صـ389 رقم 19449 )

    قال النووي :

    أَمَّا النِّسَاء فَإِنْ كُنَّ جَمِيعًا سَلَّمَ عَلَيْهِنَّ، وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَة سَلَّمَ عَلَيْهَا النِّسَاء وَزَوْجهَا وَسَيِّدهَا وَمَحْرَمهَا، سَوَاء كَانَتْ جَمِيلَة أَوْ غَيْرهَا. وَأَمَّا الْأَجْنَبِيّ فَإِنْ كَانَتْ عَجُوزًا لَا تُشْتَهَى اُسْتُحِبَّ لَهُ السَّلَام عَلَيْهَا، وَاسْتُحِبَّ لَهَا السَّلَام عَلَيْهِ، وَمَنْ سَلَّمَ مِنْهُمَا لَزِمَ الْآخَر رَدّ السَّلَام عَلَيْهِ. وَإِنْ كَانَتْ شَابَّة أَوْ عَجُوزًا تُشْتَهَى لَمْ يُسَلِّم عَلَيْهَا الْأَجْنَبِيّ، وَلَمْ تُسَلِّم عَلَيْهِ. وَمَنْ سَلَّمَ مِنْهُمَا لَمْ يَسْتَحِقّ جَوَابًا، وَيُكْرَه رَدّ جَوَابه، هَذَا مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور. ( مسلم بشرح النووي جـ7 صـ404)

    قال القرطبي :

    أما التسليم على النساء فجائز إلا على الشابات منهن خوف الفتنة مِن مكالمتهن بنزعة شيطان أو خائنة عين.

    وأما المتجالات(المسنات) والعجز فحسنٌ للأمن فيما ذكرناه، هذا قول عطاء و قتادة، وإليه ذهب مالك وطائفة من العلماء. ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ5 صـ303 ) ( موطأ مالك – كتاب السلام صـ687 )

    حكم السلام على غير المسلمين :

    لا يجوز للمسلم أن يبدأ غير المسلمين بالسلام لأن نبينا محمد (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قد نهانا عن ذلك. ( مسلم بشرح النووي جـ7 صـ402 )

    روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ لَا تَبْدَءُوا الْيَهُودَ وَلَا النَّصَارَى بِالسَّلَامِ فَإِذَا لَقِيتُمْ أَحَدَهُمْ فِي طَرِيقٍ فَاضْطَرُّوهُ إِلَى أَضْيَقِهِ. ( مسلم حديث 2167 )

    حكم السلام على جمع فيهم مسلمون وغير مسلمين :

    يجوز الابتداء بالسلام على جمع من الناس فيهم مسلمون وغير مسلمين، ونقصد المسلمين. (مسلم بشرح النووي جـ7 صـ402 )

    روى الشيخان عن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- مَرَّ فِي مَجْلِسٍ فِيهِ أَخْلَاطٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُشْرِكِينَ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالْيَهُودِ وَفِيهِمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ وَفِي الْمَجْلِسِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَلَمَّا غَشِيَتْ الْمَجْلِسَ عَجَاجَةُ الدَّابَّةِ خَمَّرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ أَنْفَهُ بِرِدَائِهِ ثُمَّ قَالَ لَا تُغَبِّرُوا عَلَيْنَا فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ثُمَّ وَقَفَ فَنَزَلَ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ وَقَرَأَ عَلَيْهِمْ الْقُرْآنَ. ( البخاري حديث 6254 / مسلم حديث 1798 )

    فائدة هامة :

    إذا اضطر المسلم أن يبدأ بالسلام على أحد من غير المسلمين، أو اضطر إلي كتابة رسالة، فإنه يجوز له أن يقول : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أو يقول : السلام على من اتبع الهدى، كما كتب النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إلي هرقل وغيره. ( البخاري حديث 6260 ) ( الأذكار للنووي صـ321 ) ( فتح الباري لابن حجر العسقلاني جـ11 صـ42 )

    روى عبد الرزاق عن معمر بن قتادة قال : السلام على أهل الكتاب إذا دخلتم عليهم بيوتهم : (السلام على من اتبع الهدى).( إسناده صحيح ) ( مصنف عبد الرزاق جـ10 صـ392 رقم 19459 )

    حكم رد السلام على غير المسلمين :

    قال ابن جرير الطبري :

    خَصّت السُّنة أهل الكفر بالنهي عن رد الأحسن من تحيتهم عليهم أو مثلها، إلا بأن يُقال:"وعليكم"، فلا ينبغي لأحد أن يتعدَّى ما حدَّ في ذلك رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- .

    ( جامع البيان لابن جرير الطبري جـ5 صـ190 )

    روى الشيخان عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ. ( البخاري حديث 6258 / مسلم حديث 2163 )

    وقال القرطبي :

    أما الكافر فحكم الرد عليه أن يقال له : وعليكم ". ( الجامع لأحكام القرآن للقرطبي جـ5 صـ303 )

    فوائد هامة :

    1 - إذا مشى المسلم في السوق أو الشوارع المطروقة كثيراً ونحو ذلك مما يكثر فيه المتلاقون، فقد ذكر أقضى القضاة الماوردي أن السلام هنا إنما يكون لبعض الناس دون بعض، قال : لأنه لو سلم على كل من لقي لتشاغل به عن كل مهم، ولخرج به عن العُرف.

    ( الأذكار للنووي صـ324 )

    2 – إذا دخل المسلم على جمعٍ لا ينتشر فيهم السلام كالجامع والمجلس الحفل، فسنة السلام أن يبتدئ به الداخل في أول دخوله إذا شاهد القوم، ويكون مؤديا سنة السلام في حق جميع من سمعه، ويدخل في فرض كفاية الرد جميع من سمعه، فإن أراد الجلوس فيهم سقط عنه سنة السلام فيمن لم يسمعه من الباقين. ( الأذكار للنووي صـ324 )

    3 - إذا لقي أحدٌ جماعة فأراد أن يخص طائفة منهم بالسلام كره له ذلك، لأن القصد من السلام المؤانسة والألفة، وفي تخصيص البعض إحراج للباقين، وربما صار سببا للعداوة والبغضاء فيما بعد.( الأذكار للنووي صـ324 )

    4 – إذا مَرَّ أحدٌ على شخص أو جماعة، وغلب على ظنه انه إذا سلم عليهم لا يردون عليه السلام، إما لتكبرهم أو لإهمالهم له، وإما لغير ذلك، فينبغي أن يسلم عليهم، ولا يترك السلام لهذا الظن، لأنهم قد يردون عليه السلام، ويخطئ ظنه. ( الأذكار للنووي صـ325 : 326)

    5 – إذا اضطر المسلم لتحية أحد من غير المسلمين، فلا يجوز له أن يبدأ بالسلام، ولكن بتحية أخرى غير السلام فيجوز أن يقول له أنعم الله صباحك مساك الله بالخير، أو صبحك الله بالسعادة والعافية أو ما أشبه ذلك.( الأذكار للنووي صـ320)

    6 - إذا اضطر المسلم إلى السلام على أحد من الظَلَّمة، بأن دخل عليهم وخاف ترتب مفسدة في دينه ودنياه أو غير ذلك إن لم يسلم، سَلَّم عليهم .

    وقال أبو بكر بن العربي : قال العلماء : يسلم وينوى أن السلام اسم من أسماء الله تعالى، والمعنى : الله عليكم رقيب. ( الأذكار للنووي صـ322)

    7 - يُسْتَحبُ لمن سَلَّمَ على إنسان فلم يرد عليه أن يقول له بعبارة لطيفة : رَدُّ السلام واجب، فينبغي لك أن ترد علي ليسقط عنك الفرض. ( الأذكار للنووي صـ326)

    8 - يُسْتَحبُ لمن سَلَّمَ على شخص ما، وأسمعه السلام، فلم يرد عليه بدون عذر، أن يحلله من ذلك، فيقول : أبرأته من حقي في رد السلام، أو جعلتك في حِلِّ منه، وبذلك يسقط حق الآدمي، ويبقى حق الله تعالى في عدم اتباع أمره برد السلام. ( الأذكار للنووي صـ326)

    وختاماً :

    أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العُلا أن يجعل هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم وأن ينفع به طلاب العلم في كل مكان، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



    فهرس الموضوعات

    معنى السلام

    السلام من أسماء الله الحسنى

    السلام تحية رضيها الله لعباده

    السلام تحية أهل الجنة

    اليهود يحسدون المسلمين على السلام

    السلام من حقوق المسلم على أخيه

    فضل إفشاء السلام

    حكم السلام ورده

    حكم رد الواحد السلام عن الجماعة

    حكم رد الأطفال السلام عن البالغين

    حكم رد السلام على الأطفال

    صفة السلام ورده

    حكم الإشارة بالسلام بلا لفظ

    حكم السلام على المعارف فقط

    حكم تبليغ السلام للآخرين

    تبليغ السلام أمانة

    آداب السلام

    حكم رفع الصوت بالسلام

    حكم السلام على الأطفال

    حكم السلام عند الاستئذان

    حكم السلام عند مغادرة المجلس

    حكم السلام على المصلى ورده

    حكم السلام على من يقرأ القرآن

    حكم السلام على المؤذن أثناء خطبة الجمعة

    حكم السلام على الأموات

    حكم السلام على من داخل الحمام ورده

    حكم السلام على الأصم

    حكم سلام الأخرس

    حكم السلام على الفاسق ورده

    حكم السلام على النساء من غير المحارم

    حكم السلام على جمع من المسلمين وغيرهم

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 19, 2024 5:49 pm